حذر السودان الولاياتالمتحدةالأمريكية من التشجيع على وقوع الانفصال بالسودان، واتهم واشنطون بعدم التزام جانب الحياد وعدم السعي لحل مشاكل السودان وتشجيع الانفصاليين والعمل على تهيئة الرأي العام العالمي والإقليمي بحتمية انفصال جنوب السودان في الاستفتاء المقبل، وحمل السودان أمريكا مسؤولية ما يترتب عليه الانفصال وقيام دولة فاشلة في الجنوب. ودمغ مدير الإدارة السياسية بالقصر الجمهوري السفير عثمان نافع، وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأن حديثها فيه قدر كبير من التهويل وأنها غير موفقة في تصريحاتها الأخيرة التي حذرت فيها من ما أسمته (قنبلة موقوتة) في السودان قبل استفتاء انفصال الجنوب ومن خطر نزاع بعد (التقسيم الحتمي) للبلاد، واستنكر نافع في تصريح ل (الاهرام اليوم) أمس الأحد حديث كلينتون واعتبره بمثابة تشجيع من أمريكا على انفصال السودان، وقال إنه كشف الغطاء عن أنهم ليسوا وسطاء نزيهين ولا يريدون مساعدة السودان في حل مشاكله وعدم التزام جانب الحياد، وأضاف أن حديث وزيرة الخارجية يوضح أنهم يشجعون الانفصال ويهيئون الرأي العالمي والإقليمي لانفصال الجنوب، ونبه إلى أن ما ذهبت إليه كلينتون يجافي واقع الحال في السودان في ظل ما أسماها التفاهمات التي تمت بين الشريكين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) خلال الأيام الماضية حول إجراء الاستفتاء، وأشار إلى أن تصريحاتها لا تأخذ التطورات المهمة والتوجه نحو إكمال مستحقات العملية، وأبدى السفير نافع خشيته على السودان من الموقف الذي أعلنته واشنطن، وقال: حديث كلينتون بهذا الشكل يشجع للانفصال والانفصاليين، وأردف أن أمريكا لم تقرأ مآلات الانفصال على الجنوب والمنطقة الإفريقية قراءة صحيحة، واستطرد: على أمريكا تحمل مسؤولية ما يترتب عليه الانفصال، وأبدى تخوفه من قيام دولة فاشلة في الجنوب، واعتبر حديث كلينتون بأنه نتيجة ضغط عليها من قبل بعض دوائر الضغط في أمريكا والتجاوب مع بعض متطلبات الرأي العام الأمريكي الداخلي. وأكدت كلينتون في خطاب ألقته أمام مجلس العلاقات الخارجية قدرة الولاياتالمتحدة على قيادة العالم في القرن المقبل، وأوضحت أن واشنطن تريد اتحاداً أوروبياً أكثر قوة وحلفا أطلسيا أكثر تضامنا. وحذرت من احتمال نشوب أعمال عنف في حال لم يتم حل الخلافات في السودان وعدته يمثل (قنبلة موقوتة ذات عواقب وخيمة) محتملة في البلاد، قبل الاستفتاء المقرر في يناير المقبل بشأن تقرير المصير لجنوب السودان، وقالت إن الولاياتالمتحدة كثفت جهودها الدبلوماسية لحل القضايا العالقة بين الشمال والجنوب، بما فيها كيفية تقسيم عائدات النفط، المهمة لاقتصاد البلاد، بعد الاستفتاء. وقالت كلينتون أثناء تبادل وجهات النظر مع محللين في مركز (سي اف آر) للأبحاث: (ماذا سيحدث عندما يحدث الحتمي وعندما يجرى الاستفتاء ويعلن الجنوب استقلاله؟). وأثناء تطرقها إلى مشكلة توزيع عائدات النفط، توقعت كلينتون (قرارا يصعب قبوله للغاية في الشمال). أما بالنسبة إلى الجنوب فقالت: (سيكون عليه أن يقر بأن عليه القيام ببعض التسويات مع الشمال إلا إذا كان يريد سنوات حرب اخرى). وأكدت هيلاري أن الولاياتالمتحدة قادرة على قيادة العالم في القرن المقبل والمحافظة على جيشها كأعظم قوة عسكرية في العالم، معلنة عن حلول (لحظة أمريكية جديدة) على صعيد العلاقات الدولية. وقالت كلينتون إن (تعقيدات واتصالات عالم اليوم استدعت حلول لحظة أمريكية جديدة، لحظة تكون فيها قيادتنا العالمية ضرورية حتى لو اضطررنا في أحيان كثيرة إلى القيادة بطرق جديدة). وتابعت: (يجب استغلال هذه اللحظة من خلال العمل الجاد والقرارات الجريئة لوضع أسس قيادة أمريكية دائمة على مدى العقود المقبلة). وكان المتحدث باسم وزيرة الخارجية الأمريكية فيليب كراولي قال إن كلينتون اتصلت بنائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه ورئيس حكومة الجنوب النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول سلفاكير ميارديت (لتشجعهما على مواصلة القيام بكل ما في وسعهما لتطبيق اتفاق السلام الشامل والتحضير للاستفتاء). ونبه إلى أن الولاياتالمتحدة (مدركة تماماً أن خطر اندلاع نزاع جديد قائم بالتأكيد في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الاطراف في السودان).