· من القضايا المهمة التى يجب أن تُحسم قبل الشروع فى الاستفتاء قضية ترسيم الحدود والديون الخارجية حتى لا تتسبب فى نشؤ بؤر للتوتر والصراع مستقبلا وذلك فى حالة الانفصال لا قدر الله، ولهذا فإن الخلاف الذى يحدث الآن حول هاتين القضيتين هو دليل عافية ومسؤولية يتمتع بها الطرفان مهما كانت درجة الخلاف وخطورته والظرف الضاغط الذى يجعل الوقت ضيقا وحرجا وقد تبقت مئة يوم على الاستفتاء. · عملية ترسيم الحدود هى البوابة الحقيقية للانفصال السلس إذا نجح الطرفان فى الاتفاق عليها ويجب ألا نقلل من شأنها ونستسهلها ونتحدث عن أربع نقاط فقط فهى مسألة خطيرة وإن كانت نقطة واحدة، ستفتح الباب لحرب بين دولتين بدلا من حرب أهلية داخل دولة واحدة تعايشنا معها لخمسة عقود من الزمان وعلى الطرف المتمسك بإجراء الاستفتاء فى موعده أن يبدي مرونة فى مواقفه وأن يتمتع بروح الجدية لحلحلة النقاط العالقة فى مسألة ترسيم الحدود وطي صفحتها وقد كان بالأمس يضغط على الطرف الآخر و(يتجرجر) ويتمهل قبيل الانتخابات مثل لاعبى كرة القدم حين يتساقطون على الأرض لإضاعة الزمن، فنحن هنا لا ندعو الشريك الوطني أن يفعل مثلما كانوا بالأمس يفعلون ولكن نذكر بروح المسؤولية والحفاظ على مكاسب أهل الشمال إن كان الطرف الآخر يدافع عن أهل الجنوب ويدعو الحكومة الأمريكية على رؤوس الأشهاد لكى تبقى عقوباتها على أهل الشمال. · فى جانب الديون الخارجية فهى أيضا قضية مهمة للغاية ويجب أن يتحملها الشمال والجنوب معا بدلا من أن يتحملها طرف واحد أو أن يضطلع المجتمع الدولى بمسوؤلياته وتعهداته تجاه اتفاقية السلام الشامل ويعمل على إعفاء ديون السودان الخارجية لاسيما وأن السودان، وبشهادة نائبة المدير العام للبنك الدولى لشؤون أفريقيا التى زارت البلاد مؤخرا وقالت بعظمة لسانها أن السودان مؤهل فنيا لإعفائه من ديونه ولكن الأمر يحتاج لإرادة سياسية من أمريكا. · ديون السودان الخارجية، حسب تقرير نشرته صحيفة الخليج، تقدر ب(32) مليار دولار منها (18) مليار دولار عبارة عن فوائد وجزاءات فى حال تأخر السداد وعليه فإن أصل الدين الخارجى (14) مليار دولار، ويعتبر السودان حسب التقرير الدولة العربية الثانية بعد الجزائر التى أنجزت معدلات سداد قياسية إذا ما قارنا ذلك بمعدلات الناتج المحلى الكلى للبلاد وهذا ما يؤكد ما ذهبت إليه نائبة مدير البنك الدولى لشؤون أفريقيا. · هذه الديون التى هى فى الأصل (14)مليار دولار هى عبارة عن تدفقات مالية لمشروعات قومية عادت بالفائدة على كل البلاد فى ظل مشاركة كاملة لكافة أبناء الوطن بمختلف أنحائه فى إدارة شؤونه ولهذا من المنطق والعدل أن يتحمل السودان كله مسؤولية هذه الديون. · ينعقد فى الرابع والعشرين من الشهر الجارى بنيويورك مؤتمر دولى يبحث عملية الاستفتاء فى السودان ونسمع فى الأخبار أن هناك محفزات للحكومة السودانية تتصل بإعفاء السودان من ديونه بالإضافة لمحفزات أخرى هى جميعها فى الأساس حقوق للسودان قبل أن تكون محفزات ولكنها السياسة الأمريكية العرجاء التى تبدل الكلم عن مواضعه فتحفزنا برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وهى أكثر يقينا بأن السودان لا علاقة له بالإرهاب، وتحفزنا بتطبيع العلاقات والعلاقات على ما يرام إلا ما تنتهجه إرضاءً للوبى الصهيونى، وتحفزنا بإعفاء ديوننا ونحن نستحق ذلك فنيا وفاءً لأدائنا الاقتصادى وإيفائنا بسداد ديننا الخارجي.