اعتراف وزير المالية علي محمود بضعف الانتاجية.. حيث قال (مشكلتنا في ضعف الانتاجية لكل المحاصيل).. يؤكد ان هنالك علة لا بد من الوقوف حيالها وتذليلها بكل السبل حتى تخرج البلاد من هذا المنعطف الخطير، فضعف الانتاج يأتي معه (المجاعة) و(الفجوة الغذائية)، وعندما نقول ان هنالك (فجوة غذائية) نكون قد غلفنا المجاعة ووضعناها في قالب (جميل) خاصة إذا علمنا ان كلمة (مجاعة) هذه تعني اشياء كثيرة.. فقر وجوع وعطش ومرض وعدم تعليم وأمية وإذلال وركوع، فالفقر يذلك ويكسر هامتك. إذن (المجاعة) هي نفس معنى (الفجوة الغذائية) فلا داعي للاحراج عندما نقول إن البلاد في حالة مجاعة. فالاعتراف من قبل وزارة المالية بأن مشكلتنا تمثلت في ضعف الانتاج في كل المحاصيل اعتراف العارف بكوامن الاشياء باعتبار ان وزارة المالية هي أم الوزارات وهي التي تدفع المال وتؤهل المشاريع التي بحاجة إلى تأهيل بنياتها التحتية. فلماذا لا تعالج وزارة المالية علة ضعف الانتاج وتوظف كل الامكانيات للخروج من (عنق الزجاجة) والخروج كذلك من النفق المظلم، فالحل عند وزارة المالية فهي التي اهملت قطاع الانتاج ودللت قطاع البترول زيادة عن (اللزوم).. نعم البترول ثروة قيمة وعائدها كبير ومجز إلا أن هذا لا يمنع ان نهتم كذلك (ببقية) القطاعات الاخرى ونجعلها اكثر انتاجاً من قطاع البترول (فالبحر لا يابي ابداً الزيادة).. نعم الزيادة مطلوبة في كل الاحوال ويكون جميل جداً ان يكون ايراد القطاعات الانتاجية يوازي انتاج البترول وحينها سنصبح من اكثر الدول استقراراً اقتصادياً. الان نحن لا نملك قوت شهر ناهيك عن قوت العام، الامر الذي يجعل كل اهل السودان بحاجة الى زكاة، وكما ان الزكاة واجبة للفقراء والمساكين الذين لا يملكون القوت فإن اهل السودان بحاجة الى الزكاة. لماذا نتحدث عن ضعف الإنتاج ونحن الدولة ذات الإمكانيات الكبيرة وبلد المليون ميل مربع ، نحن ايضاً الدولة التي تمتلك المراعي الطبيعية والثروة الحيوانية الهائلة التي لو وظفناها توظيفاً سليماً سنكون من الدول الغنية التي يشار اليها بالبنان، ولكن من الذي سيحرك قطاعات الانتاج لتكون اكثر انتاجاً. ومن طرائف وغرائب الامور أن السودان يمتلك ثروة حيوانية هائلة ورغم ذلك فكيلو الضأن ب 26 جنيهاً واصحاب المواشي برروا ذلك بارتفاع أسعار الاعلاف. الزراعة ايضاً كان ينبغي أن تحرك اقتصادنا ولكن للاسف الشديد لا زراعة الآن، فقط تبقى منها تلك اللافتة الجميلة التي تزين وزارة الزراعة بشارع الجامعة وتمتد حتى شارع النيل، وعندما تدخل مكاتبها وتتجول ترى (الحركة) وناس (رايحين) وناس (جايين) تحلف تقول ان هنالك انتاجاً يكفي السودان والعالم الذي حوله ناهيك عن العالم العربي، وبالمناسبة أين المتعافي الذي عرفناه بسرعة إنفاذ الكباري والسدود وهو الذي حول الخرطوم الى الخرطوم بالليل، الآن لا حس له ولا حتى خبر، كنا نتمنى ان يكثف جهوده وان يبحث في ادراج وزارته لانه حتماً سيجد من الخطط ما يغير من الخريطة الغذائية، فالخطط التي وضعتها كوادر بشرية مؤهلة وضعتها مع وقف التنفيذ.. (حركوا) هذه الخطط وطالبوا المالية بضرورة توفير التمويل لانفاذ الخطط الزراعية، واذا لم تستجب وزارة المالية فعليكم حمل حقائبكم وتقديم استقالاتكم الجماعية، فهل (ترضون) لانفسكم ان تكونوا تحت وزارة (لا حس لها ولا خبر). فما دامت المالية قد اعترفت بضعف الانتاج عليكم ان تشمروا عن سواعد الجد، والا كما قلت تقديم الاستقلالة وتحويل مبنى وزارة الزراعة الى اي شئ اخر يستفاد منه، وصدقوني اذا قدمتم استقالات فاننا سنحترمكم جداً جداً لانكم بادرتم بزيادة الانتاج ولكنكم لم تجدوا ما يعينكم على التنفيذ. وزارة المالية هي المسؤول الاول والاخير عن ضعف الانتاج، فالمزارع هجر الزراعة، والصناعة تدهورت، رغم الحراك السريع الذي تشهده الآن بقيادة د. عوض الجاز، فنتمنى ان لا يقف المال امام التنفيذ لنعيش بعد ذلك عام الرمادة الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى، وكما تعلمون فإن عام الرمادة سيولد الفقر الذي سيولد هو الآخر انتشار السرقة، ولا أظن ان السارق الذي يسرق من أجل (سد الرمق) سيحاسب لأنه (جوعان) عندما سرق، وكما يقولون فإن الجوع كافر.. وكلمة الكفر التي ارتبطت بالجوع ستؤدي الى ارتكاب الكثير من الجرائم وقريباً جداً سنتحول الى متسولين لتزداد اعداد المتسولين في بلادي. واخيراً نقول للمالية أنت وحدك القادرة على مضاعفة الانتاج وتحريك قطاعاته.. المال عصب الحياة كما الماء.. وفري (القروش) وحركي الطاقات، فحتماً فإن الانتاج سيتضاعف فلماذا (تدللي) البترول وتتركي القطاعات الاخرى ليموت اهل السودان (بالقلة وارتفاع الاسعار).