كنا خلال حرب الخليج الثانية التي اندلعت في بداية عام 1991م رداً على احتلال العراق للكويت وانتهت بإخراج الجيش العراقي وعودة الكويت الى أهلها.. وخلال الحرب على العراق التي نشبت في عام 2003م وانتهت باحتلال الولاياتالمتحدةالامريكية للعراق وسقوط حكومته.. كنا خلال هاتين الحربين نلتقي يومياً نحن مجموعة من الأصدقاء وكانت هذه المجموعة تضم المهندس والطبيب والمحامي...الخ. وكان مما يلفت النظر أن كثيرين منهم كانوا واثقين مقتنعين جازمين بأن الرئيس العراقي صدام حسين سوف ينتصر في النهاية فهو يملك الكيماوي وغيره من الأسلحة الفتاكة. وكنت أقول لهم وإذن لماذا لا يضرب الرئيس صدام ضربته ويقضي على الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب كله واسرائيل ويدخل التاريخ باعتباره أعظم قائد عربي مسلم منذ عمر بن الخطاب؟. ومع كامل التقدير للجيش العراقي إلا أن انتصاره على الجيش الامريكي كان مستحيلاً تماماً مثلما أن انتصار المقاتلين السودانيين الذين قادهم الخليفة عبدالله في كرري عام 1898م على جيش كتشنر كان مستحيلاً. فالفوارق العلمية التكنولوجية بين العراق والولاياتالمتحدة تجل عن التحديد. وفي نفس عددها وكثرتها كانت الفوارق العملية التكنولوجية بين السودان وبريطانيا نهايات القرن التاسع عشر والآن أيضاً.. وفي الحالتين كان الأكثر تطوراً وعلماً وفهماً للعصر هم الخواجات.. خواجات القرن العشرين ممثلين بالامريكيين وخواجات القرن التاسع عشر ممثلين بالبريطانيين. أما نحن.. في العراق وفي السودان هذه المنطقة من العالم فما أوضح تخلفنا وما أكثر ابتعادنا عن العقل وما أكثر قابليتنا لتصديق كل ما هو دجل وشعوذة وخرافة !. وما زالت العقلية الشرقية والافريقية عقلية طاولية ضمنية (نسبة للعبتي الطاولة والضمنة) حيث الاعتماد على الظهر. وبالتالي الحظ بينما العقلية الغربية عقلية شطرنجية (نسبة للعبة الشطرنج حيث التخطيط والتفكير والذكاء). والذي وصف العلاقة بين العقليتين الشرقية والافريقية من جانب والغربية من جانب آخر هو الروائي المصري الموهوب الراحل اسامة أنور عكاشة. أما الذي ذكّرنا مواقفنا وتفكيرنا وتحليلاتنا وتوقعاتنا خلال حرب الخليج الثانية عام 91 والحرب على العراق عام 2003م فهو تصديق كثير من السودانيين (لخبر) يقول إن الموبايل أصبح سلاحاً يقتل صاحبه أو في أحسن الفروض يصيبه بالعمى. وفعلاً ما أبعدنا عن العلم وعن العصر!!.