وهي تمد لسانها للمشاهد والمتابع تقوم بعض الفضائيات بإعادة وتكرار برامج او سهرات قدمتها خلال ايام العيد وجدت في لحظات بثها الأولى الاستهجان والاستنكار إن لم يكن الاستهزاء بها لأنها كانت كاملة الضعف وتنافس نفسها في هشاشة الحوار وسطحية الأفكار وبداءة الإخراج. ولعلي اتساءل عن جدوى إعادة برنامج او سهرة انصرف عنها المشاهدون في أول عرض لها لأنها كانت بلا مضمون وبلا هدف وخالية من الزبدة والدسم وكأن هذه الفضائيات لا يهمها ان تكسب ود مشاهديها والعاجبو عاجبو والما عاجبو يشرب من البحر!! ودون الدخول في تحديد اسماء لبرامج بعينها هي في الأساس نسخ كربونية (بالشف) عن برامج اخرى اقول ما الفائدة التي يجنيها المشاهد من برنامج لم يكتسب عنصر الدهشة في لحظته الأولى بل وضح جلياً أنه يعاني صدمة ما في جهازه العصبي بدليل أنه مترنح الخطوات وليس له طريق محدد يسير عليه وكيف له أن يسير ومن تقوده (في الغالب) فاقدة للجام المبادرة وهي ذاتها ما قادرة تمشي؟ على فكرة احياناً اشعر أن بعض البرامج تم الترتيب لها قبل يوم واحد وعلى باب الاستديو وبالتالي ليس مستغرباً ان تكون فطيرة وبلا عمق وأن تعرض للمرة الاولى ثم يرمي بها في سلة المهملات أو النفايات هو امر مقبول لكن أن تعاد للمرة الثانية والثالثة ففيه استفزاز لعقلية المشاهد الذي يمتلك أضعف الإيمان (الريموت كنترول) فيسوح به في فضائيات اخرى حتى لو كانت غريبة اللسان والهوى لكن افضل له الف مرة من أن يشاهد برامج لا تخرج منها إلا بصداع لا ينفع معه مائة قرص باندول. لكن وإحقاقاً للحق وقول النصيحة فإن هناك سهرات لا تمل حتى لو كررت الف مرة كتلك التي قدمتها النيل الازرق عن الفنان الراحل خليل اسماعيل واحتوت على حوار وسرد وتنقيب في شخصية الراحل المبدع جملها حضوراً كروان الأغنية سيف الجامعة الذي كان صوته (الغنائي) حاضراً متوهجاً كما العادة وصوته (المتحدث) فاهماً ومنقباً في شخصية الراحل خليل اسماعيل. والفرق ما بين اعادة وإعادة كالفرق بين حديث ديانا كرزون وحديث تلك التي كادت او انها فعلت برائعة الجابري (البلوم في فرعه غنى) ان تحولها الى (البوم في فرعه غنى). كلمة عزيزة أعتقد أن اهم سبب يمكن ان يقوم عليه برنامج كبرنامج (مراسي الشوق) هو أن يكون الشريان النابض لمشاكل المغتربين والصوت الناطق بقضاياهم وكلنا نعلم ان المغتربين يعانون مشاكل بالكوم بعضها لا تنقطع او تتوقف تداعياته حتى بعد العودة وانتهاء فترة الاغتراب. وبما ان البرنامج معني ومهتم بشريحة هي ربما بعيدة بحكم الموقع الجغرافي عن مواقع القرار بالداخل وربما أن بعضها مهموم بقضايا كبيرة لكنه يكتم هذه الهموم داخل صدره حتى يجد متنفسا، كنت اتوقع ان تبني السلسلة الفقرية للبرنامج على هذا الخط لكن ما يقدمه البرنامج في الفترة الاخيرة هو مجرد تسجيل لحفلات وتكريمات ومنتديات المغتربين حتى لكأنك تتصور المغترب السوداني يعيش في جنة عدن. والغريب اكثر ان مقدمة البرنامج او حتى مخرجه لا يستفيدان من الفرصة الذهبية التي مكنتهما من (السياحة) في معظم إن لم يكن كل دول المهجر خاصة الخليج في تلمس مشاكل المغتربين وقضاياهم الحقيقية وتوصيل اصواتهم المكممة او المبحوحة للمسؤولين ولدى من القصص العشرات التي تحكي عن من يعانون العطالة هناك ويعيشون على ما يجود به كرم السودانيين في دولهم. ولدي من المعلومات ما يؤكد وجود عشرات العائلات التي ترغب في العودة لكنها مكبله بالتزامات مالية كان يمكن للبرنامج ان يعكسها فتجد الحل أو على الأقل الاهتمام لكن أن يتحول البرنامج الى نقل فعاليات غنائية فربما لا يستطيع الكثيرون حضورها وهم يكابدون رهق الغربة ومحنة الالتزامات ومقدمة البرنامج تجدها فرصة للظهور بشكل مستفز وكأنها في احتفالات رأس السنة بألوانها الصاخبة والصارخة ناسية انها تقدم عملاً لو انها ادركت اهميته لخرجت بالمثير المهم وليس مجرد مقدمة ربط لفقرات برنامج يحمل اسم المراسي ولا علاقة له بالغرقى في بحار الغربة. كلمة أعز أن يجد طه سليمان كل التجاوب من طاقم (اغاني واغاني) في حلقته الأخيرة وهو يغني رائعته (ام در يا حقيبة) تأكيد أن الشاب لمس اوتار الطرب والإحساس لدى زملائه كما فعل بالمشاهدين ومحبي (اغاني واغاني).