تعقيباً على مقال السيد/ جلال المبارك الذي استضافته ملاذاتكم الآمنة يوم الجمعة الماضي نود أن تتسع كذلك لتعقيبنا التالي. أشار المقال الى قضية حيوية ومهدد للأمن الصحي وتتعلق بسلامة البيئة، حيث أن المياه أكبر ناقل للبكتيريا وأول متهم في كثير من الأمراض كالفشل الكلوي وغيره. أسئلة الأخ جلال مشروعة في كيفية تطبيق القانون وهل المتضرر منه المواطن أم المقاول المتخصص في حفر الآبار يدوياً أو آلياً؟. إن تحديد الحفر بعمق 20 متراً يصعب ضبطه ومراقبته وقد يصل للمياه الجوفية وقد لا يصل في بعض المواقع خاصة «أم درمان» والمواطن يتعاقد مع المقاول للحفر آلياً أو يدوياً شرط الوصول الى العين فيما عدا ذلك لا يعتمد سايفون بالمفهوم السائد. في حالة الحفر 20 متراً وقطر 8 بوصات طوليا مع عدم وجود مياه فإن هذا العمود الفارغ يعتبر حفرة بسعة 628 م3 لا فائدة منها. إن المعدل الافتراضي لآبار السايفون بالعاصمة يمثل 15% من عدد مساكن العاصمة تقريباً أي أن هذه المساكن تضخ في باطن الأرض مياهاً ملوثة بحدود 300.000 متر مكعب. إذا صح هذا الافتراض فإن 100.000 منزل تضخ حوالى نصف مليون متر يومياً ترمي بها دون أي وازع أخلاقي لتلوث ثروة قومية ومياها نقية لا تحتاج لفلترة أو معالجة بمعنى آخر فإن ما ترمي به العاصمة في عام في حدود 100 مليون متر مكعب. ولك أن تتخيل في مدى عشر سنوات ما هو الرقم التقديري «مليار متر مكعب» وما بالك ما هي الزيادة التي ساهمت فيها حفارات الأخوة من دول شقيقة تخصصوا في هذا المجال، في حين أن السلوك مرفوض عندهم وممنوع عالمياً. إن مياه الصرف الصحي تعتبر ثروة تتم معالجتها والحفاظ عليها واستغلالها في ري الحدائق وتشجير المدن في كثير من الدول المتحضرة أمثال الأمارات وكافة دول أوروبا. وبالتالي فإننا نوفر ملايين الأمتار المكعبة التي نهدرها في ري الأشجار بشوارعنا من المياه النقية التي أقامت الدنيا ولم تقعدها على ولاية الخرطوم هذا العام. إن غياب شبكات الصرف الصحي بالعاصمة مع عدم توقع قيامها في الوقت الحالي هو بيت القصيد، وهو ما أدى الى أن تغض الدولة الطرف بل وتصرح للمواطن بعمل بئر سايفون وسبتك تانك وغيره بعد سداد (رسوم الصرف الصحي دون خدمات) وذلك منذ سبعينيات القرن الماضي. السؤال ما هو الملاذ يا صاحب الملاذات؟ وما هو الحل لمدينة تسع أكثر من 6 ملايين شخص يتمتع فقط 7% منها بخدمات الصرف الصحي التي أنشئت أيام الرئيس عبود؟. أشار البروفيسور الراحل حامد حمد الحاج رحمه الله، مدير كرسي اليونسكو للمياه السابق يوماً ما، الى أن ضخ المياه في أي عمق ومع طول المدة الزمنية سيؤثر لا محالة على مخزون المياه الجوفية في الوقت الذي لا زالت تستخدم لدعم مياه النيل المفلترة (ليست لدي إحصائية). كما أن المياه الجوفية لا تتعافى من هذا التلوث إلا بعد عشرات السنين من إيقاف ضخ المياه الملوثة. الإجابة على السؤال هي استخدام ومعالجة مياه الصرف الصحي وعلى الدولة أن تسعى لتوفير معالجات محلية لكل حي أو لكل مجموعة بيوت أو لكل بيت على حدة وهذه متوفرة ومطبقة في العاصمة مستشفى السلاح الطبي الكلية الحربية مستشفى أم بدة مستشفى أم درمان مقر سودانير سد مروي وزارة الدفاع وكثير من المشروعات. ما دعاني لهذا المقال أن طالعتنا صحيفة الرأي العام يوم الثلاثاء 28/9/2010م في الصفحة الأولى قرار منع حفر آبار السايفون آلياً. وهذا القرار صائب جاء رداً على حديث «ملاذات آمنة» والذين يستثمرون في دمار البيئة، أم هي الصدفة، وأصحاب الحفارات الذين أشار اليهم صديقي جلال المبارك أبو زيد، وأتمنى أن تمنع نهائياً حتى تحفر يدويا.. ويا بخت الحفارين. المهندس/ محمد عطا المنان الصليحابي ناشط في مجال البيئة