{ أخيراً استسلمت المفوضيَّة القوميَّة للاستفتاء إلى (ابتزاز) و(ضغوط) وتهديدات الحركة الشعبيَّة (لتمزيق السودان) فقرَّرت إجراء الاستفتاء في التاسع من يناير الجاري، رغم اعتراض المنظمات الدوليَّة وعلى رأسها مجلس الأمن، وقبل مفوضيَّة بروفيسور «خليل» استسلمت قيادة الدولة، وجعلت تُحدَّثنا بأن (انفصال الجنوب لا يعني نهاية الدنيا)..!!! وقلنا لهم بالأمس إنَّه لا يعني نهاية الدنيا ولكنه يعني نهاية دولة السودان الواحدة الشامخة العملاقة التي سلَّمنا إيَّاها (الأزهري الزعيم) و(المحجوب الكبير) مليون ميل مربع.. لا تنقص سنتميتراً واحداً..!! { وزير الدفاع الوطني الفريق أول «عبد الرحيم محمد حسين» يؤكِّد بعد لقائه الرئيس المصري «حسني مبارك» في «القاهرة» أمس الأول، أن (المنطق) و(الواقع) يفرضان تأجيل الاستفتاء حتَّى يتم ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، فكيف بالله عليكم يتم إعلان استقلال دولة في الجنوب لا تعرف حدودها مع جارتها الشماليَّة؟ هل يريدون أن يكرِّروا أخطاء «إثيوبيا» و«إريتريا» اللتين حاربتا على مثلث «باديي» بعد استقلال إريتريا عام 1993، حتى سقط الآلاف من القتلى من الجانبيْن؟! { وزير الدفاع يدعو إلى تأجيل الاستفتاء لأنَّه يعلم أنه سيتحمَّل المسؤوليَّة الوطنيَّة في الدفاع عن الحدود بعد إعلان الانفصال.. فأيُّ حدود تلك التي سيدافع عنها..؟! حدود «أبيي».. أم حدودنا في جنوب دارفور التي يدَّعي الجنوب حقَّه في (حفرة النحاس) بها، رغم تأكيدات الوالي الجسور «عبد الحميد موسى كاشا» بتبعيَّتها لجنوب دارفور؟! أم الحدود في جنوب كردفان.. والنيل الأبيض.. أم...؟! { «ألفا» كيلو متر هي طول الحدود بين الشمال والجنوب.. وعملاء «أوغندا».. وآخرون من عملاء «الصهيونيَّة العالميَّة» في «جوبا»و«الخرطوم» يريدون للاستفتاء أن يُجرى بهذه (الكلفتة) وصولاً إلى محطة (الانفصال) بأعجل ما تيسَّر..!! ومن بعد ذلك.. فلتقُم الحرب إن قامت على (مثلث) أو (مربع).. لا يهم.. لأنَّ الحرب قائمة - لا محالة - بين الدولتيْن.. سواء أكان ذلك بعد شهرين من الانفصال.. أو عام.. أو عاميْن.. { خطة التمزيق لا يمكن أن تنتهي إلى قيام دولتيْن مستقرَّتيْن آمنتيْن.. متعاونتيْن.. وإلاَّ فما الفائدة إذن من الانفصال؟! { هل تُرهق الدوائر الكنسيَّة والزنجيَّة والصهيونَّة المتطرفة، في أمريكا وأوربا، نفسها فقط من أجل تحقيق أحلام الانفصاليين بتأسيس دولتهم (المستقلة) في الجنوب.. ثم ينصرف رجال تلك الدوائر العالميَّة من بعد ذلك إلى حال سبيلهم، بعد أن يقول لهم «سلفاكير ميارديت»: (شكر الله سعيكم).. أو (أحسنتم)!! أو أي عبارات أخرى من المفردات التي يعرفها «سلفاكير» أو (الرئيس الجديد) الذي سيحلُّ محله عقب الإعلان عن الدولة الجديدة؟! { هل كل ما تريده «اسرائيل» التي يحمِّلها معظم ساستنا أوزار الانفصال، ويتقرَّب إليها زُلفى وزير إعلام حكومة الجنوب بإعلانه الرخيص حول الاعتراف بها، هل كل ما تريده إسرائيل وتطمح إليه أن (ينفصل) الجنوب (بسلام).. لأن الجنوبيين لا يشبهوننا - كما يقول منبر السلام غير العادل - لا شكلاً.. ولا عرقاً.. ولا ديناً.. ولا عُرفاً..؟!! { إذا نجحت إسرائيل، ودوائرها الناشطة والحاكمة في الولاياتالمتحدة، في فصل الجنوب عن الشمال، فهي بالتأكيد تسعى إلى ما هو أعظم.. إلى ما هو (ألعن).. ولن تتوقف (المتوالية).. { لكن السُذَّج في صحافة وساسة الخرطوم مازالوا يحدِّثوننا عن ضرورة العمل على تحقيق انفصال (آمن)، و(ناعم) و(سلس)!! { والحركة الشعبية تعلم - علم اليقين - أنَّه لن يكون آمناً.. ولا ناعماً.. ولا سلساً - ولو بعد حين - ولهذا فإنَّه لا يهمُّها أين تقف حدودها (الجنوبيَّة)..!! لأنَّها مثلما ادَّعت (ملكيَّة) حفرة النحاس.. يمكنها أن تدَّعي حقها في أطراف «كوستي»..!! ألا يعتقد اليمين الإسرائيلي المتطرِّف أن حدود دولة إسرائيل تمتدُّ من «الفرات» إلى «النيل»؟! { ترسيم الحدود ليس مهمَّاً عندهم.. الأهم هو إعلان الانفصال.. وبسرعة البرق.. { والدولة مستسلمة.. و(فاقدة سوائل) وتحتاج إلى عمليَّة (نقل دم) عاجلة.. مع ضخ كميَّة من (المحاليل الوريديَّة) إلى جسدها المرتعش..!! { والمفوضيَّة عاجزة.. وخائفة.. ومرتبكة.. والوطن يُقتل - الآن - بأيدي أبنائه.. بسكاكينهم الطويلة والقصيرة.. { ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله.