{ هرشت شعر رأسي حتى كدت أن اقتلعه وفركت عيني حتى أصابهما الاحمرار في مشهد لا يخلو من الدراما إن لم يكن قمة الميلودراما لأدخل بعدها في فاصل من الضحك المتواصل، ولو أن أحداً شاهدني على هذه الحالة دون أن يعرف مسبباتها لظن أنه قد أصابني مس أو أنني طشيت شبكة، لكن إذا عُرف السبب بطل العجب؛ فقد كنت أطالع ما أثارته الزميلة (الصدى) بشجاعة الفرسان حول الميزانية العامة للاتحاد العام لكرة القدم التي تضمنت بنوداً مليونية الصرف وكأنه اتحاد جزيرة «بروناي» الغرقانة في الترف ونعيم العيش وليس بلادنا المهمومة بمشاكل اقتصادية يشيب لها الولدان. ولعل أكثر ما لفت انتباهي أن الاجتماع الواحد للاتحاد العام يكلف (20) ألفا وأقول ألفا حتى أهون على نفسي وعليكم الأمر؛ إذ أن الألف هنا تعني المليون يعني جلسة واحدة للاتحاد السوداني تكلف (20) مليونا إضافة الى وجبة الغداء ودي براها الله يعلم كم تكلف؛ إذ أنه لن يكون بين مكوناتها بالتأكيد (الكسرة الناعمة). { أعتقد أن مثل هذه الأرقام الاستفزازية لبلد غالبية سكانه من الفقراء أو هم أقل درجة من ذلك تجعلنا نسأل وبالصوت العالي عن المال العام المعفي دائماً من التقشف. والتقشف مفردة لا تعرفها اجتماعات الوزارات التي لا تخلو من البارد والكيك وترامس الشاي والقهوة والفواكه وكأن الاجتماع حفل خطوبة أو زواج. { ولعل هذا المشهد الذي كثيراً ما تعكسه شاشات التلفزه وهي تنقل تفاصيل الاحتفالات العامة، هو مشهد يجعلنا نتساءل هل هذه (البحبوحة) حلال على ناس وحرام على آخرين؟ وهل هذه المؤسسات والوزارات التي تصرف ما تصرف في حفلات التدشين والاستقبال والوداع للوزراء والمديرين مالها سائب وما عندو وجيع؟ أليس من باب أولى أن ترشد هذه الأموال لما ينفع المؤسسة أو الوزارة المعنية والعاملين بها؟ { يا سادة، نحن نعيش ازدواجية في المعايير ونشعر أننا غرباء في بلادنا ونحن نطالب محمد أحمد الغلبان بأن يشد الحزام ويأكل الكسرة في حين أن اجتماع لاتحاد كرة القدم الذي ليس له من إنجاز سوى تعادل منتخبنا مع غانا الأخير، وهو تعادل جاء بحرارة القلب ودعوات هذا الشعب الصابر، في حين ان اجتماعا واحدا يكلف (20) مليونا هي كافية بالتأكيد لحل ضائقة أكثر من أسرة لا تجد قوت يومها وأطفالها ينامون (القَوَى) ويفطرون بشوية فول وبضع لقيمات قد لا يملأن البطون الخاوية. { أعتقد أن الترف الباذخ الذي بدت عليه ميزانية الاتحاد العام تدعونا لأن ننادي بأن يفتح كشف الحساب وجرد الحساب لأية مؤسسة تهدر المال العام ولو على أقل المبالغ. ودعونا من الاجتماعات التي تشبه (العرس) وكل المجهود الذي يبذل فيها هو تناول ما لذ وطاب وبعدها ينفض السامر وكأنك يا أبوزيد ما غزيت! على فكرة أبوزيد ده منو؟ { في كل الأحوال مجرد فكرة وجود مبدأ المحاسبة والمكاشفة سيعمل على كبح لجام الصرف الجامح الذي يأكل من سنام هذا الشعب التعبان ده لو فضل عنده سنام..!! كلمة عزيزة { سمعت وأنا أتابع الأخبار أن السيد الامين العام لجهاز شؤون المغتربين، وهو أيضاً أمين خزينة نادي الهلال، قد سافر الى القاهرة لملاقاة الجالية لمناقشة قضايا من صميم عمله مسؤولا عن الجهاز، لكنه (استغل) السفرية لعمل توأمة مع النادي الأهلي ونادي الهلال.حاجة غريبة . { غداً انتظروني في حديث الدهشة واللامعقول..!!