ياسر تمتام، فنان ذو صوت متفرد، يملك خصوصية الأداء، برع في أداء أغنيات الحقيبة، واستهوته الأغنية الإثيوبية، فرض نفسه على ساحة الأغنية الشبابية وخلق لنفسه قاعدة جماهيرية لا يستهان بها. تمتام سافر فجأة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعاد الآن يحمل في دواخله الكثير من المشاريع والتحديات. لمعرفة لماذا سافر وكم أمضى وماذا أنجز؛ التقينا به في بوح خاص ل «دنيا الفن»، فمعاً عزيزي القارئ لنطالع إفاداته.. لماذا سافرت إلى أمريكا؟ وما هو الغرض من الزيارة؟ - سافرت لإحياء حفل بمناسبة ختام الدورة الرياضية للجالية السودانية بالولاياتالمتحدةالأمريكية بدعوة من المركز السوداني. وكانت الاحتفالية فرصة طيبة للالتقاء بأبناء جلدتي من قبيلة المهاجرين. مقاطعاً: هل حققت الزيارة غرضها المطلوب؟ - بكل المقاييس كانت الزيارة ناجحة، وقمت فيها بإحياء عدد من الحفلات، وأحدثنا حراكاً إنسانياً وفنياً واجتماعياً وسط السودانيين المقيمين هناك. ما هي أسباب تأخير عودتك إلى السودان؟ - الإجابة هنا تحمل مؤشراً لنجاح الرحلة، إذ كان مقرراً أن أمكث لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ولكن تحت إصرار وإلحاح الإخوة السودانيين في الجالية؛ بقيت أربعة أشهر بالتمام والكمال. هل استفدت من هذه الفترة في إنجاز مشاريع فنية؟ - فعلاً، فقد كانت هذه الزيارة فرصة لإنجاز العديد من المشاريع الفنية الجديدة بعيداً عن الضجيج والصخب، أبرزها عمل بعنوان «صدقني» من كلمات اللواء جلال حمدون ومن ألحان الطيب التقلاوي، وعمل آخر بعنوان «عافي ليك» كلمات وألحان محجوب الحاج. أشياء لفتت نظرك في المجتمع الغربي؟ - لفت نظري الدقة والنظام اللذان ينتظمان الإنسان هناك، وهذه المرة الثالثة التي أسافر فيها إلى تلك الدول، سبقتها رحلة إلى هولندا وأخرى إلى فرنسا، ومن خلال معايشتي للأوضاع هناك؛ أؤكد لك أن كثيراً من السودانيين المقيمين بالخارج علاقتهم مع بعضهم فاترة ولا تجمعهم روابط الأخوّة والوطن، وكل يهيم في واد. وأنا حزين لأنني وقفت بنفسي على أحوال بعض الزملاء من الفنانين والموسيقيين أصحاب الموهبة الذين تركوا الفن وهجروا عشقهم للموسيقى ويعملون الآن في وظائف هامشية كسباً للرزق وسبل العيش الكريم. ما هي أسباب ابتعادك عن توليفة برنامج «أغاني وأغاني» لا سيما أنها ضمت العديد من الأصوات الصاعدة والواعدة؟ - أنا فنان ولا يمكن أن أذهب بنفسي وأعرض مشاركتي في البرنامج، التي يبدو أنها المشاركة تحكمها ظروف وملابسات لا دخل لي بها. طيِّب، ما هو رأيك في النسخة الخامسة والأخيرة من البرنامج؟ - «بصراحة كده» لم تعجبني مشاركة الفنانين في النسخة الأخيرة، فقد شابتها بعض الفوضى «والهرجلة»، وكان يمكن أن يخرج البرنامج بصورة أفضل، ولاحظت غياب التناغم والانسجام بين أكثر من ثنائية. لماذا حصرت نفسك في مربع السيرة والحقيبة والتراث عكس أبناء جيلكم؟ - من قال هذا؟.. أنا فنان شامل، غنيت الحقيبة والتراث لأنني أحبهما، وكذلك غنيت باللونية الإثيوبية لأنني وجدت أنها تتمتع بشعبية ورواج لدى المتلقي السوداني، لا سيما في الآونة الأخيرة، وسبق لي أن قدمت أغنيات عاطفية في أول شريط لي وضم بعض الأغنيات الخاصة منها دفق يا عسل، الكلمة الأخيرة، حيرة، والثلاث من كلمات الشاعر الراحل حسن الزبير وألحان د.الماحي سليمان. البعض يتهمك بالتفريط في أغنيات اشتهرت عبر صوتك ثم فوجئ بها الجمهور مملوكة لفنانين آخرين؟!! - أنا بطبعي إنسان مسامح مثل أغلب أبناء أم درمان، وقناعتي أن الفن بستان كبير يقطف كل شخص مبدع منه زهرة، وبهذا الفهم أتعامل مع الوسط الفني وبعض الزملاء والزميلات الذين رددوا أغنيات عرفها الجمهور بصوتي، وأشهرها «مهما الأطباء تخصصوا» وتغنت بها المطربة الفنانة ندى القلعة، وأغنية «يا قلبي في طبعك ملك» وتغنى بها الفنان جمال فرفور. وعموماً أنا لا أحب المهاترات والدخول في معارك كلامية على صفحات الصحف. على هامش الحوار أبوروف منجم الإبداع، وزاخر بالموهوبين وشخصياً أضاف لي الكثير وجمعني بالرواد والرموز، عتيق، أبو الروس، وفراج الطيب، وآخرين لا يسع المجال لذكرهم. تأثرت بالفنان والباحث التراثي أحمد الفرجوني، كنت أسترق السمع وأنصت إليه باهتمام وأنا في بواكير الصبا، واكتشفني الأستاذ السر جكسا بمدرسة بيت المال. لي ذكريات لا تنسى في مكتبة البشير الريح بأم درمان بمعية عدد من نجوم الفن والشعر والأدب والصحافة، عبد المنعم الكتيابي، محجوب الحاج، الطيب برير، سعادة عبد الرحمن، سعدية عبد السلام، ورئيس تحرير هذه الإصدارة الصحفي الرقم الهندي عز الدين له مني التحية والتقدير. تلقيت إشادة من الراحل المقيم بادي محمد الطيب، وكذلك من آخر عناقيد الحقيبة مبارك حسن بركات، وحملني أمانة بأداء أغنيات الحقيبة وحمايتها من التشويه. أحب الشعر الجاهلي منذ صغري، وأستمتع بأعمال الجاغريو، وللعلم تربطني به صلة القرابة. تمت إجازة صوتي في العام 1988م وكانت اللجنة تضم عمالقة وأساطين الفن والموسيقى بقيادة برعي محمد دفع الله، العاقب محمد حسن، عثمان مصطفى، الطيب خليفة وغيرهم، وأول عمل قدمته بعنوان «غيمة» من كلمات الراحل حسن أمين، وكان هذا العمل من ألحاني وتعد هذه سابقة لم تحدث؛ أن تجيز هذه اللجنة عملاً من ألحان فنان مغمور حينها، والحمد الله تمت انطلاقتي بلا توقف.