{ وأنت في مدخل ود مدني، الذي يوحي بأنك قد دخلت ولاية الجزيرة عبر عاصمتها ود مدني، هنالك لافتة جميلة كتب عليها: (ابتسم أنت في ود مدني)، لاحظت هذه اللافتة أثناء زياراتي المتكرِّرة لمشروع الجزيرة والمناقل، حيث كانت آخر زيارة عمل للمشروع الأسبوع الماضي برفقة مستشارين من مجلس الوزراء وخبراء في مجال العمل الزراعي يمثِّلون عدداً من جامعات السودان، وتحديداً كليات الزراعة. { هذه المرة ركزت على اللافتة ووجدتها كما هي، حينها ابتسمت، رغم أنني ما توقعت أن أبتسم، لأن إرهاق الرحلة و(تنشنة) السفر تجعل مزاجك غير قابل للابتسام، حتى وإن دعاك الآخرون إلى ذلك، فالابتسامة المتعمدة لا تكون مجدية وتأتي في لمحة بصر و(خطفة)، وتتشابه مع تلك الابتسامة التي تأتي عن طريق المجاملة لشخص يحكي نكتة (بايخة).. أيضاً طقس السودان وسخونة شمسه، حتى في فصل الشتاء، تخرب (المزاج)، لذا فالابتسامة تأتي «فاترة»، بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ.. { الآن رجال المرور مطالبون بتوزيع الابتسامة، حيث بدأ اعتباراً من مطلع نوفمبر الجاري الالتزام بتوجيهات الإدارة العامة للمرور، التي كان من بينها (ربط الأحزمة)، ولا أظن أن رجال المرور يستطيعون تنفيذ شرط توزيع الابتسامة، خاصة وأن جل عملهم تحت أشعة الشمس، وحتى الآن لم أجد شرطياً أو رجل مرور وزّع الابتسامة، وقبل عدة أيام استوقفني رجل مرور بدون ابتسامة طالباً مني«رخصة القيادة، وقد التزمت بالتوجيهات بعد أن وزعت (أنا) الابتسامة، أي أنها لم تكن من رجل المرور. { عمل المرور يعتبر من الأعمال الشاقة جداً في السودان، خاصة وأن درجات الحرارة قد تتجاوز في كثير من الأحيان (45) درجة وقد تصل (50)، الأمر الذي يجعل العمل صعبا، لذا نتمنى أن تدخل بلادنا التقنية الحديثة جداً لتدير المرور وتراقب وتسجل لك مخالفاتك، ويبقى دور رجل المرور هو المراقبة فقط، وهذا الحديث لا أظنه سيرضي الجميع باعتباره استغناءً عن العمالة، فالأجهزة الحديثة ستعمل بديلاً لرجال المرور، وقد تحتاج إدارة المرور إلى رجال يُعدون على أصابع اليد، وفي عهد علي بن طالب رضي الله عنه وأرضاه ظهرت (القنبلة)، وبالطبع ليست بشكلها المتطور الآن، فسأل عنها وقيل له إنها (القنبلة) التي تعمل بديلاً للسلاح وللفرسان، حينها كان رده (والله الشجاعة انتهت).. فالآن لا نقول إن دور رجال المرور قد ينتهي بالتقنية الحديثة، فلدي قناعة كبيرة جداً أنه إذا أدخلنا التقنية التي تعمل كبديل فإن هنالك من يتحدث عن الخصخصة وتشريد العمالة والأسر، وذلك بغض النظر عن الفوائد التي تجنى من ورائها. { أيضاً كنا نتمنى من إدارة المرور أن تطالب الجهات المختصة بضرورة توسيع الشوارع، فمعظم الحوادث التي تقع في قلب العاصمة الخرطوم تكون بسبب ضيق الشارع، والخرطوم فقط بها (700) ألف سيارة، في ظل الشوارع المعروفة التي لم تتغير ولم تتبدل، وآخر توسعة أجريت كانت في عهد د. المتعافي عندما كان والياً للخرطوم.. أيضاً هنالك اتفاقيات قد تمت لإنشاء عدد من الكباري المعلقة والأنفاق، ولكن لم نسمع لها صوتاً وحتى لم نرَ ترتيبات لبدء العمل. { المسؤولية تعتبر تكاملية ما بين الإدارة العامة للمرور وولاية الخرطوم، فتوسعة الشوارع وإنارتها بالصورة المطلوبة مهمّة جداً، ومعظم الحوادث التي تقع بالليل يكون سببها الإضاءة الضعيفة، وفي دولة مصر (القريبة جداً مننا) تستطيع أن ترى (النمل) بالليل، وكأنك بالنهار، حيث الإضاءة الجيدة جداً والرادرات المتنوعة في كل الشوارع. نتمنى أن تتم إضاءة شوارعنا بالصورة المطلوبة جداً وكذلك توسعتها، حينها سنبتسم نحن، وليس رجل المرور. { ولأن الشيء بالشيء يذكر، ونحن نتحدث عن المرور، فقد هاتفني أبو عبيدة تاج السر، (الصول) بمدرسة كورتي الثانوية بنين، وأكد وهو يتحدث إلينا بأن شارع شريان الشمال الذي يؤدي إلى مروي، والآخر الذي يسير في الاتجاه الجنوبي، أصبح مسرحاً لكثير من الحوادث الليلية، حيث تضعف الاضاءة، وقال إن السبب الرئيس لهذه الحوادث هو عربات «الكارو» التي تمر ليلاً بدون عاكس، الأمر الذي يؤدي إلى تصادمها مع العربات القادمة من الاتجاه الشمالي أو الجنوبي، وأوضح أن هذه الأمر أدى إلى وفاة عدد من الأبرياء، وناشد الإدارة العامة للمرور عبر «الاهرام اليوم» أن يكون هنالك إلزام لأصحاب الكارو بعمل عاكس عند الترخيص. ونحن بدورنا نطالب إدارة المرور، حتى نحافظ على أرواحنا من عبث أصحاب «الكارو». { المسؤولية سيدي مدير المرور كبيرة جداً، خاصة وأنها تتعلق بالأرواح والممتلكات، ولا بد من تضافر الجهود لإزالة كل مسببات الحوادث.