{ الآن نحن أحوج ما نكون للتفكير بذات الطريقة التي يفكر بها الخبير الإستراتيجي البروفيسور حسن مكي، وهي الطريقة التي توازي التحديات التي تحيط ببلادنا وتجعلنا نحسن قراءة ما يحيط بنا، حتى لوكان تافهاً في نظر الكثيرين وخيالياً، وهي طريقة السهل الممتنع التي تقوم على تحديد مؤشرات ثم الجمع بين المؤشرات للحصول على استنتاجات مهمة وأحيانا خطيرة جداً، ولكن الإلمام بها أفضل من انتظارها على رمل يواري رؤوسنا. { أجرت صحيفة (أفريقيا اليوم) الإلكترونية حواراً مع البروفيسور حسن مكي، مدير جامعة أفريقيا العالمية، وقد خصها بشذرات متناثرة تتصل بمجمل الأوضاع من حولنا وداخل بلادنا، ولفائدة قراء عمود (رواية أخري) أستعرض بضع شذرات من الحوار لعلها تفتح أفقاً واسعاً يساعدنا في قراءة الواقع كما يقرأه رجل مثل حسن مكي. { قال حسن مكي: إن لسلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب زوجة يهودية، وأن في ذلك الخطر الحقيقي، وقال إن مصر هي الخاسر الأكبر من انفصال الجنوب وأنها المعنية به في المقام الأول، وقال إن أكبر تجمع سكاني جنوبي موجود بالخرطوم ومعظمهم من النخبة، وهم في حالة انفصال أصلاً عن الجنوب، وعلاقتهم بالشمال لن تتأثر إذا حدث إنفصال، لافتاً في ذات الوقت إلى أن جوبا عاصمة الإقليم الجنوبي لا يوجد بها سوى مليون ونصف مليون جنوبي، وقال إن صوت الانفصاليين بالجنوب عالٍ جداً الآن، وأن من يعمل للوحدة يصنف بأنه عميل، مشيراً إلى أن الصوت الانفصالي بالجنوب مدعوم بالبترول والغرب وبعض الدول الأفريقية، في الوقت الذي يتراجع فيه الدعم المصري والعربي، وكان على مصر أن تكمل قناة جونقلي، وكان عليها أن تبني الفنادق بالجنوب، فهو استثمار مربح، فمعظم الفنادق بالجنوب يهودية وتكسب منها إسرائيل كثيراً، مؤكداً أن الجنوب يبيض ذهباً لإسرائيل يومياً. { وتنبأ حسن مكي بأن لا يقوم الاستفتاء في موعده، وأن الحكومة ليس في مصلحتها أن تدفع أموالاً لاستفتاء مضروب لصالح إسرائيل وأمريكا، وقال إذا فات التاسع من يناير المقبل ولم يتم الاستفتاء فإن الوضع سيكون مثل الصحراء المغربية، ولو تم في ميعاده سيؤدي لقيام دولة جنوبية، وأن ذلك سيؤدي أيضاً إلى حرب جديدة على حدود لم يتم ترسيمها وبها مناطق غنية باليورانيوم، وقال إن الجنوب به ثلاث مجموعات جاهزة للحرب، هي قبيلة النوير التي تسيطر على ملكال وجيش الجنرال أطور الذي يسيطر على جونقلي بالكامل وجيش ملوال دينق، وقال إن القوى السياسية الجنوبية لن تستطيع أن تقف في وجه الحركة الشعبية إلا إذا قرر الشمال تحريكها ودعمها. { وأشار حسن مكي إلى أن الخرطوم صارت عاصمة للجاسوسية، وأن هناك عشرة آلاف من القوات الهجين في الجنوب وثلاثين ألفاً أخرى في دارفور، وقال إن السودان مراقب وهناك جهات تستفيد من هذا الوجود الأجنبي، مضيفاً أن هناك (132) قبيلة مشتركة ما بين السوان ودول الجوار بواقع خمسة عشر مليون نسمة، كلها تحمل الجنسية المزدوجة، وكذلك هناك زحف عبر حدود البلاد من الشرق والغرب وكلهم يحصلون على الجنسية السودانية، وأن عدد سكان السودان بكل هؤلاء (42) مليون نسمة، بينما عدد السودانيين الحقيقي لا يتجاوز (18) مليون نسمة . { وعن الجارة الجنوبية للسودان (يوغندا) قال إن نظامها الحاكم محصن من قبل الأمريكيين والإسرائيليين وحتي الليبيين، مبيناً أن عدد سكان يوغندا (30) مليون نسمة في مساحة لا تتجاوز ثلث مساحة الجنوب، وأن موسيفيني يخطط للسيطرة على جنوب السودان ونفطه، وأن إسرائيل تشجعه على ذلك مقابل حربه على القاعدة، وأن وضع موسفيني مرتبك لأن هناك أربع قبائل مشتركة مع جنوب السودان، وهناك جيش الرب المتمرد على النظام في كمبالا، الذي اعترف الاتحاد الأفريقي بأنه الأخطر في القارة، وقال إن قبائل شمال يوغندا مسلحة لحماية الشمال وتخويف الحركة الشعبية وسلفاكير تحديداًَ في حال كانت لديهم اتجاهات وحدوية. { وكذلك تعرض الحوار لأوضاع اللغة العربية في تشاد، وقال إنها تسيطر بصورة كبيرة، وأن اللغة الفرنسية انحسرت وصار يتحدثها الصفوة، وأن الغلبة للمد العربي، وأن الاستعمار الفرنسي الذي سيطر (200) عام يتلاشى تدريجياً، وأن القبائل العربية تمثل %70 من سكان تشاد. وعن كينيا قال حسن مكي إن المد الإسلامي بدأ في الظهور، وأن الحكومة الكينية فيها أربعة وزراء مسلمون من بينهم وزير الدفاع، وأن بالبرلمان مئة نائب مسلم، وأن الكنيسة تشعر أن هناك مشروعاً حقيقيا للإسلام . { أن تستمع لحسن مكي أو تقرأ أفكاره فإن الأمر يختلف عن القراءة والاستماع لأي رجل آخر، لأنك تقرأ وتسمع عن المستقبل، فقط عليك أن تتعامل مع الأوراق التي ينثرها عليك بذات الطريقة التي يفكر بها لتكون في النهاية فكرة حقيقية .