٭ يؤتى بقارئ القرآن يوم القيامة، فيقال له اقرأ وارتقِ فإن مقامك عند آخر أية تقرؤها، وفي الحديث الشريف المشهور «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وإن المهرة مع الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو شاق عليه له أجران، أجر القراءة وأجر التعتعة، أو كما جاء في الحديث الشريف الذي ينتهي إلى أن «لم أقل لكم أ ل م حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف»، ولم أتبين إن كان ذلك أثراً أو حديثاً شريفاً الذي ينص على أن «من حفظ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه»، وفي الصلاة والإمامة يقدم أهل القرآن لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «يؤمكم أحفظكم لكتاب الله»، وإن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته، ولولا القرآن الذي يحمله بين جنبيه لكان صديقنا شيخ الدين راعي ضأن في بادية كردفان لا يعرفه أحد، فرفعه الله بالقرآن حتى نهضت إذاعة بأكملها للقرآن الكريم بصوته وتلاوته، فيرفع الله بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين. ٭ لست أنا في موقع من يعطي درساً في فضل القرآن الكريم، وفضل حملته المؤسسة «رئاسة الجمهورية» التي رفعت شأن حفظة كتاب الله لدرجة شهادة البكلاريوس وذلك وفق قرار رئيس الجمهورية الذي صدر منذ سنوات، وقضى بأن تمنح جامعة القرآن الكريم درجة البكلاريوس لحفظة القرآن الكريم بعد أن تخضعهم إلى الامتحانات والاستيثاقات، وهذا «بيت قصيدي» ومربط فرس مقالي. ٭ فلقد أتى إلينا بالصحيفة ثلة من هؤلاء الحفظة ممثلين «لاتحاد الحفظة بولاية الخرطوم»، وهم يحملون نص القرار الجمهوري الذي يقولون إن «جامعة القرآن الكريم» قد تجاوزته، وذلك بجعل الشهادة التي تمنحها لهؤلاء الحفظة تنتهي صلاحيتها بعد خمس سنوات، بمعنى أن هذه الشهادة تحتاج إلى تجديد كل خمس سنوات، فعلى حملة شهادة بكلاريوس حفظ القرآن الكريم أن يراجعوا جامعة القرآن الكريم كل خمس سنوات لتجديد هذه الشهادات التي تنتهي مدة سريانها وصلاحيتها في هذه المدة، ولا يتم هذا التجديد بخاتمها البارز، ولكنها لا تجدد إلا بعد أن يدفع الطالب رسوماً جديدة ثم يخضع من جديد لامتحان الحفظ، وتتلخص قضية هؤلاء الإخوان في أن جامعة القرآن الكريم قد أرهقتهم بتفسيرها الخاطئ لقرار رئاسة الجمهورية الذي لم يضع هذه الاشتراطات «المالية والمهنية»، ثم لا يعقل، بتقديرهم، أن تكون هناك شهادة «محدودة الصلاحيات» مؤقتة بالسنوات، ثم لم تخرج هذه «الثلة المباركة» من الحفظة إلى الإعلام إلا بعد أن استنفدت كل وسائلها وآلياتها في المجتمع الأكاديمي، وأن عميد الكلية المختص بهذا الشأن قالوا إنه لم يحسن مقابلتهم وطلبوا منا أن نعيد الأمر إلى رئاسة الجمهورية، الجهة التي بادرت بإكرامهم والمأمول أن تعيد لهم اعتبارهم. ولعل من الفأل الحسن أن يتزامن عرض هذه المعضلة التي تواجه حفظة القرآن الكريم، مع العشر الأوائل من ذي الحجة، موسم الخيرات، فما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أفضل من العشر الأوائل من ذي الحجة، وما من عمل أعظم من «إكرام وإنصاف أهل القرآن» المكرمين أصلاً في كتاب الله والمصنفين من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل هناك شهادة أعظم من تلك الشهادة التي منحها ووقعها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» شهادةً سارية المفعول؟ فحري بنا أن نكرم من أكرمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.