لليوم السادس لازالت مراكز التسجيل لاستفتاء جنوب السودان بولاية الخرطوم تشهد إقبالا ضعيفا تجلى واضحا في حجم الجنوبيين الذين يزورون المراكز. ومنذ انطلاقة العملية في الخامس عشر من هذا الشهر اعترتها (عراقيل) تمثلت في ضعف الإعلام الجماهيري وتعطيل حركة بعض الجنوبيين الراغبين في التسجيل بالترهيب أحيانا وبالترغيب في أحايين أخرى، إضافة إلى بُعد مراكز التسجيل عن مواقع السكن. وقد اشتكى عدد من الجنوبيين في منطقة (الكلاكلة) من عدم معرفتهم بمركز الشهيد عبد السلام (بالقطعية) ومركز مدرسة الوحدة المزدوجة، حيث عبروا عن استيائهم لعدم وجود مراكز تسجيل بالقرب من أماكن وجودهم، وكشفوا عن تهديدات تعرضوا لها من قبل منسوبين للحركة الشعبية قالوا بأنهم تناوشوهم منذ بداية الحملة حيث انتقلت المناوشات إلى داخل المساكن في أحياء (الكلاكلة) (ومايو). { (العرِّيف) مهمة تحتاج إلى تعريف..!! ربما تكون مهمة العرِّيف من أكثر المهام صعوبة لأنها ترتبط بتحديد هوية الشخص المسجل إلى أية قبيلة ينتمي في حالة فشله في إحضار أوراقه الثبوتية، وتعريفه مضمَّن داخل الكلمة التى تستدعي مقطعا من قصيدة للقدال: (خابراكْ عرِّيف.. ذم العُربانْ واللاّ قِيام الوردية)، ولكن العرِّيف غير مسموح له بعرقلة (العمل)، فهو يدلي برأيه وينتظر قرار رئيس اللجنة. ولكن ثمة عرِّيفين يتجاوزون حدود صلاحياتهم كما أشار البعض إلا أن العرِّيف ليس صاحب قرار وتنحصر مهمته في التعريف بالشخص إذا احتاجت له اللجنة فينتهي حكمه بمعرفة (فلان) أو عدم معرفته، وغالبا ما يكون من سلاطين القبائل الجنوبية وهو ليس عضوا في اللجنة ولكنه مضمَّن في قانون الاستفتاء وتحت الإشراف الإداري والتوجيهي. السلطان بول يي (عرِّيف) بمركز الكلاكلة الوحدة يبدو أنه ذو معرفة واسعة بالقبائل واللهجات الجنوبية. يقول السلطان بول ل(الأهرام اليوم): «مهمتي التأكيد دا دينكا دا نوير دا شلك» ويضيف: «بعرفهم من الشلوخ واللهجة وأحيانا من الهيئة وكل جنوبي يختلف عن الآخر»، ويزيد: «الزول لو ما شايل أوراق ثبوتية وأنا شكيت فيه وطلع ما بيعرف سلطانه في البلد وما بيعرف يرطن بنطلب منه يحضر ضامن». وأشار بول إلى أنهم يعملون تحت مظلة مجلس سلاطين الولاياتالجنوبية حيث دخلوا عددا من الدورات وتم تأهيلهم للقيام بهذا العمل ورئيسهم هو السطان دينق مشام، وفي حالة فشل الشخص في إثبات هويته يذهب ويحضر له ضامنا غالبا ما يكون من السلاطين ويجري التفاهم بعد ذلك بين السلطان والعرِّيف، مع العلم أن كل القبائل الجنوبية لها سلاطين. وينفي بول تعرضه إلى أية مشاكل في مركز الكلاكلة الوحدة. جدير بالذكر أن بعض الجنوبيين اشتكوا من عدم وجود عرِّيفين في كثير من المراكز. { شكاوى لم ترد عليها المفوضية رئيس مركز (الكلاكلة) الوحدة، عثمان أحمد إبراهيم، يقول في حديث ل(الأهرام اليوم) إن مهمتهم فنية وليس من حقهم إيقاف السيارات التى تقل الجنوبيين طالما أنها لم تقتحم المركز، ويضيف من حق المؤتمر الوطني ترحيل الجنوبيين من والى المركز، كما أن هذا المركز لم يشهد أي عراقيل والجميع يعملون بتعاون تام، مراقبين وفنيين وعرِّيفين، ويقول إن العمل يبدأ من الساعة السادسة صباحا حتى الساعة الخامسة مساءً عدا أيام العطلات الرسمية، ويمضي إلى أن الإقبال ضعيف حتى الآن بالرغم من أن المنطقة تشهد كثافة سكانية عالية، ويعزو هذا الضعف إلى بُعد المركز وعدم وضوحها للمواطنين الجنوبيين وعدم توفر وسائل الحركة، بالإضافة إلى غياب الإعلام الجماهيري تماما. ميري نالوك ماثوث وشول أشول وزكريا فجوك ونادية جورجي هؤلاء اشتكوا للصحيفة من عدم تسجيلهم، وقالوا إن الأوراق الثبوتية حالت دون إكمال إجراءات التسجيل، وفوق ذلك لا يتوفر عرِّيفون في مركز الكلاكلة القطعية ومركز الديم، وكشفوا عن معاناتهم في الوصول للمركز لأنهم يقطنون في منطقة السجانة التى ظلوا فيها كالمساجين لا يعرفون كيف يتصرفون نتيجة استبعادهم من التسجيل، واشتكوا من أنهم قد لا يتمكنون من الحضور مرة أخرى في حالة عدم توفر وسيلة للحركة. وقد ذهب المراقب بمنظمة (فيوتشا)، حيدر أحمد إبراهيم، إلى أن التسجيل في المراكز يعاني من بعض العراقيل، حصرها في تدخل كوادر الحركة الشعبية وإعاقتهم العمل ونُدرة العرِّيفين والتحريض الذي تعرض له الجنوبيون. وخلال الجولة التى قامت بها الصحيفة داخل أحياء مدينة الخرطوم التي يقطنها الجنوبيون لاحظت الصحيفة استعداد أعداد كبيرة من الشباب من الجنسين للذهاب إلى الكنيسة من أجل الصلاة وربما من أجل التفاكر في عملية التسجيل. وقد تجمهر الجنوبيون في مداخل الكنائس بولاية الخرطوم بأزيائهم الملونة كأنهم يستعدون لأعياد (الكريسماس). غير أن هذه النسبة المهولة لم يذهب نصفها إلى مراكز التسجيل، فالواقع أنهم يقاطعون التسجيل ويحبذون الصلاة في الكنائس. كما اشتكى البعض منهم عدم جعل يوم الأحد إجازة وترك العطلة يوم الجمعة وهي عطلة تهم المسلمين وليس الجنوبيين كما أشاروا. { معتمد الكاملين يرد على أتيم قرنق من جهته نفى معتمد الكاملين، يوسف الزبير، تهديده المواطنين الجنوبيين بحرمانهم من الخدمات بمحليته في حالة عدم خروجهم للتسجيل، وقال إن هذا الاتهام الذي أورده نائب رئيس المجلس الوطني القيادي بالحركة الشعبية «أتيم قرنق»، عارٍ من الصحة. وقال الزبير في تصريح ل(الأهرام اليوم) إن أتيم كاذب ولم يكن حاضرا ساعة زيارته للمركز، وأشار إلى أن بعض كوادر الحركة الشعبية المتوارين في ثوب منظمات المراقبة نقلوا له حديثا مشوشا دار بينه وبينهم في (بانتيو) بالباقير، وأضاف أنه لم يحرم الجنوبيين من الخدمات التى يستفيد منها كل المواطنين وهو نهج الدولة، وأشار إلى أن الجنوبيين لا يقطنون في مواقع معزوله بمحليته وإنما يتعايشون جنبا إلى جنب مع الشماليين، وقال إن التسجيل في الباقير والصناعات ضعيف، وبالرغم من أن السلاطين طلبوا عربات للترحيل إلا أن تلك العربات لم تنقل ولا شخصا واحدا، وأشار إلى أنهم قد يسحبوها، وقطع بأن الجنوبيين في محلية الكاملين حوالي (1600) شخص لم يسجل منهم سوى العشرات وهم منتشرون على عرض البحر وفي الكماين، وأكد أن أجهزتهم تعمل لإنجاح حملة السجل، بينما تعمل الحركة الشعبية على إعاقتها وتحريض السلاطين، وقال إن مدينة ودمدني التي يتوفر فيها حوالي (20) ألف جنوبي حدث فيها تهديد لإفشال العملية برمتها. وقال الزبير إنه لا يمثل المؤتمر الوطني وإنما يمثل الدولة وهو لم يتحدث بخصوص مصير الجنوبيين في محليته في حالة حدوث الانفصال ووصفه بأنه حكم سابق لأوانه، وأشار إلى أنهم عرضوا على المفوضية تحريك مراكز التسجيل إلى مواقع السجون إلا أن المفوضية لم ترد عليهم حتى الآن.