العد التنازلي مستمر.. والاستفتاء الذي اقتربنا من محطته سينتج عنه أحد خيارين: إما وحدةً أو انفصالاً. فما هي الآثار القانونية التي ستترتب على خيار الانفصال إذا اختاره الجنوبيون؟ كيف يرتب القانون الدولي القضايا العالقة وماذا يقول عن مبدأ تقرير المصير الذي أقرته الاتفاقية؟ ماذا يقول عن قضية الديون الخارجية وعن ترسيم الحدود، والجنسية وحقوق المواطنة وغيرها من القضايا التي ما زالت الأطراف تتجادل حولها؟ الخبير في القانون الدولي، أستاذ القانون الدولي العام والدولي الإنساني بالجامعات السودانية، الدكتور بدر الدين عبد الله حسن حمد، حاورته «الأهرام اليوم» حول الموضوع فوضع النقاط على الحروف، فماذا قال في الحلقة الثانية من حوارنا معه؟ ٭ كيف يرتب القانون المسائل المتعلقة بالبترول وتعاقداته و...؟ - السودان متعاقد مع شركات أجنبية لها تعاقدات واتفاقيات مع الحكومة، أنا بالطبع لا أعلم محتوى تلك الاتفاقيات المتعلقة بالبترول مع تلك الشركات، لكن إذا كان لها حق الامتياز لعشرين سنة مثلاً؛ فيجب أن يُنظر إلى هذا في حالة فصل الجنوب، فإذا صوّت الجنوبيون لصالح الانفصال «فدا ما معناه خلاص طوالي الجنوب انفصل» هناك أشياء ستكون عالقة إلى حين التوصل فيها إلى اتفاق، وهناك إجراءات دولية لا بد أن تتم مثل «الاعتراف بالدولة»، فإذا ظهرت دولة جديدة؛ لا بد من أن تجد الاعتراف بها من الدول الأخرى. فالسودان عندما نال استقلاله في 56 تم الاعتراف به كدولة، والاعتراف نوعان: صريح عبر تبادل وثائق وبعثات دبلوماسية، وضمني من دون وثائق عبر علاقات ثقافية واقتصادية، وهذا بالنسبة للمستوى الدولي.. على المستوى الداخلي أيضاً هناك شروط، مثلاً اتفاقية نيفاشا تقول إنه يجب أن يكون الاستفتاء حراً ونزيهاً. ٭ وإذا لم يكن حراً ونزيهاً؟ - شمال السودان كطرف من حقه ألا يعترف بالاستفتاء إذا لم يكن حراً ونزيهاً. ٭ وما الذي سيترتب على عدم اعترافه هذا..؟ - عدم الاعتراف يؤثر على الجنوب.. هناك مسائل كثيرة ستكون عالقة، مثل العملة والجنسية والمنقولات والممتلكات والإرشيف وغيرها من المسائل.. فإذا أنا لم أعترف بك كدولة سأعالج معك هذه المسائل! عدم اعتراف شمال السودان بدولة الجنوب له أثر كبير على الجنوب. ٭ هل بإمكان الحركة الشعبية أن تقول للشمال اعترفوا أو لا تعترفوا، هذا لا يهمنا في شيء؟ - هي يمكن أن تقول هذا، لكن القانون يقول إنه عندما تظهر دولة جديدة يجب أن يكون هناك اعتراف دولي بهذه الدولة الوليدة. وأنا في وجهة نظري أنه إذا الدول الأفريقية والدول العربية كلها اعترفت بدولة جنوب السودان فأية حركة مسلحة تحمل السلاح وتأخذ حق تقرير المصير وتفصل الإقليم ويتم الاعتراف بها فهذا معناه تفتيت للقارة الأفريقية. فإذا رفضت الدول الاعتراف بجنوب السودان وقالت «لا.. أولاً هذا يتنافى مع ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية» فلا أعتقد أن الدولة الجديدة يمكن أن تعيش بدون علاقات دولية. لكن نحن لا ننسى العوامل الدولية الأخرى، فالدول الكبرى لها أصدقاء طبعاً وقبل فترة سلفاكير صرح بأنهم سيقيمون علاقات مع إسرائيل. ٭ حكومة الجنوب الآن لها مكتب في أمريكا. - عندها مكتب وهذا أنا أسميه الاعتراف الضمني، فأمريكا ضمنياً اعترفت بدولة الجنوب. ٭ نحن لا نعتقد أن جنوب السودان سيواجه مشكلة تتعلق بالاعترف الدولي. - والله الآن كوسوفو لديها مشكلة اعتراف، حتى الآن الدول التي اعترفت بكوسوفو 62 دولة، وطبعاً مجموع الدول في العالم 192، يعني الدول التي اعترفت بكوسوفو أقل من الثلث. ٭ وهل هذا يؤثر عليها؟ - كيف لا يؤثر؟ أنا لم أعترف بك معنى هذا أنني لن أقيم معك علاقات اقتصادية ودبلوماسية وغيرها، وهذا يؤثر، طبعاً الاعتراف شيء مهم جداً في القانون الدولي. ٭ دكتور، وماذا عن مسألة العملة..؟ - مسألة العملة من المسائل الخطيرة لأنها تتعلق بالاقتصاد، أيضاً هناك مشكلة المراعي وحركة الرعاة فهذه يجب حسمها، وبالمناسبة هناك ملاحظة على تقرير محكمة لاهاي بخصوص مسألة أبيي، فهو نص على حق المرعى، يعني أن محكمة لاهاي أعطت الحيوان حق المرعى ولم تعط الإنسان حق التصويت! الحيوان أخذ الحق والإنسان لم يأخذه..! ٭ بالمناسبة قاضي محكمة التحكيم الدولية، عون الخصاصنة، وصف القرار بأنه «قصر من الأماني مبني على الرمال» وقال إنه بني على أساس قانون غير سليم. - نعم، وكتب مذكرة طويلة تطعن في القرار وأشار إلى أشياء كثيرة مثل عدم العدالة وعدم المساواة وغيرها وأنا أرى أن حديثه موضوعي. وأنا من وجهة نظري الخاصة وبعيداً عن التفاصيل أرى أن نزاع أبيي نزاع داخلي ويجب ألا يتم ترحيله إلى المحكمة الدولية فالمحكمة الدولية لا تنظر في القضايا الداخلية. أنا لا أعرف على ماذا استند تحويل النزاع إلى لاهاي، ولكنني أعتبره غير قانوني ولديّ دفوعات كثيرة تؤيد وجهة نظري. ٭ قبول الأطراف بقرار لاهاي، ماذا يترتب عليه؟ - خلاص..! تنفّذ القرار. ٭ وماذا إذا لم تنفذ.. إذا تراجعت عن موقفها من القرار أو دفعها المواطنون إلى التراجع، هل ستكون هناك عقوبات مثلاً على السودان؟ - لا لا، هذا رأي استشاري، والرأي الاستشاري ليست فيه عقوبات وغير ملزم، مثل الفتوى، ليس فيها ضغط أو إلزام. لكن إذا كان صدوره من مجلس الأمن الدولي؛ كان سيكون ملزماً ويجب تنفيذه.