شكراً. تبسُّمك بالحرف في وجهي صدقة ودعوة لإخاء خالص وأتكأءتك على «اعترافي» للمعصوم في زاويتك أهدتني ثقة في الخيّرين، في زمان أهتم لا يعرف التبسم فيه إلا ثُلة ذوو فضل. ما كتبت القصيدة وإنما وُلّدت بعد حمل حسبت ألا يشهد ميلاداً.. تخلّقت نطفة من وجع ظل يسبب إحساساً بعجز القادر على تمام الوفاء للمجتبى وغدت مُضغة من اجترار يومي «لبانة» من شجن البُردة!! واكتست كل اللحم لعظام دهن ساقها أماديح الصرصري وصرخت مُعلنة الميلاد عند القبة الخضراء في ربيع من شهور الضياء. ثم يقول هازئاً إنها استجداء لطه آخر، ما عندي له ولا عنده لي عطاء يجعلني أتمرّغ في المديح الصريح الاعتراف بغفلتي وسوء صنيعي في جنب الله! ما لهم يحجبون رحمة الله أن تنسرب في أفئدة عطشي لرحمته!! دعهم - أخي - في غيهم يعمهون ويلوكون لقمة الشيوعية التي تبقى (تُور بُرجُم) لا تمحوه غُرة الصلاة. الحمد لله أن ربي ودود غفور لطيف.. هذا ما كان من أمر القصيدة التي أرجو أن تكون لي براءة من تلكؤ وغفلة. أما أن صوتي لا يُسمع الآن (والقماري) لم تزل تسكن أفواف النخيل.. و(القمرة) تضفي على سنابل القمح طعم الخبز الساخن.. فأنا - أخي - مسكون بحب هذا الوطن الذي يوحشني أن تُبتر قدماه في أطلس الجغرافيا بانفصال الجنوب.. خنجر الانفصال استوطن خاصرتي ومركز السكر في الكبد!! وأعكف على بكائية.. أخاف إن اطلع الناس عليها لرجموني بالحجارة خاصة أولئك الذين لم يرحهم مني إلا الموت تحت عجلات شاحنة بها أطنان من الحقد والحسد. ويوم أملك شجاعة الجهر بالبكاء سأعطيك أنت شخصياً حق نشرها ولك الفضل في استنطاقي. أخوك عبد الباسط { من المحرر.. سألت الأستاذ سبدرات، وأنا أزوره بالأمس في مكتبه بحي العمارات بالخرطوم، أين أنت؟! قال «أنا أقضي عدة المتوفى أصدقاؤه»! وسبدرات هو الرجل الذي يعرف ماذا يعمل عندما لم يكن وزيراً، ويكفي أن الرجل شاعر، بحيث لم يكن بمقدور أحد أن يحيل شاعراً على المعاش. الموظفون هم الذين تنتهي أدوارهم بعد أداء مراسم المعاش مباشرة، بل أستطيع أن أقول لكم، ومن خلال وقوفي على مكتب الرجل المحتشد بالأشواق والتطلُّعات، «إن حياة عبدالباسط الجديدة لم تبدأ بعد» وهو يعد الآن لتفجير قنبلة ثقافية، قال إنه سيخص بها «الأهرام اليوم». كان هذا التعقيب «القصيدة» قد جاء على إثر مقالنا «سبدرات يعترف» الذي نشر هنا منذ أيام، شرف كبير لهذه الزاوية أن يكتب اليها رجل بحجم «الرجل الديوان»، الرجل الحقوق والقانون، رجل مايو في أبريل ويونيو وأكتوبر. فأنا لا أعرف شهراً لا يحتفي بسبدرات، وبهذا المقال ستضيف «مؤسسة الملاذات» سطراً ناصعاً إلى سيرتها الذاتية.. والسلام.