بعد أن أصبح مجلس تنظيم مهنة الموسيقى والمسرح حقيقة وتم تكوينه ليحمل اسم «مجلس المهن الموسيقية والمسرحية» برئاسة الأستاذ علي مهدي نوري، وجلس الدكتور عبد القادر سالم في مقعد الدينمو المحرّك فيه «الأمين العام»؛ تفاوتت انطباعات أهل الموسيقى والمسرح حول جدوى تكوينه. «الأهرام اليوم» استطلعت عدداً من أهل الموسيقى بعد أن عجزت عن دخول بيت المسرحيين لاستطلاعهم، فماذا قال أهل الموسيقى من داخل اتحادهم؟ المطرب مجذوب أونسة قال إن مشكلتنا كسودانيين عاطفتنا جيّاشة وحساسيتنا مُفْرطة، لذلك إذا تم سن قانون ما يجب أن نحترمه ونمتثل له، غير أن هناك فئة رافضة على الدوام وهي الفئة الأقوى في كل قطاعات المجتمع وتظل تبحث دائماً عن الثغرات لتدميره. وأكد أونسة احترامه لقانون مجلس المهن الموسيقية وطالب (المغنواتية) الجُدد بمراجعة أنفسهم، وختم بقوله (نحن حاجاتنا ما واضحة وما خُفي أعظم). الموسيقار حافظ عبد الرحمن قال إن المجلس الجديد مطلوب منه أن يُقنِّن مهنة الموسيقى وِفق القوانين العالمية، وأضاف «ظللنا نعمل بما نراه مناسباً حسب اجتهادنا أصبنا أم أخطأنا، لذا جاء الوقت الذي نحتكم فيه لتنظيم قوانين هذه المهنة التي عرفها السودان منذ القرن التاسع عشر». المطرب سيف الجامعة أبان أن هذا المجلس جاء وليداً لمحاولات قادها هو وزملاؤه في دورة مجلس اتحاد المهن الموسيقية عام 2004م وهي محاولات للتحوُّل إلى نقابة للمهن الموسيقية لتولي شؤون المهنة وإيجاد وضع قانوني يمكِّن أصحابها من السيطرة عليها، بجانب التصدي للظواهر السالبة التي يتحمّل اتحاد الفنانين (سابقاً) تبعاتها أدبياً، ولكن من الناحية العملية فهو غير مسؤول عن كل ما يجري في الساحة الفنية، وأردف إذ لم يتمكن هذا الاتحاد طوال خمسين عاماً منذ إنشائه، كرابطة للفنانين، من أداء هذا الدور بسبب الأنظمة الشمولية المتعاقبة التي أرادت الاستمرار في أن يكون هذا الاتحاد تابعاً وليس قائداً. وأكد سيف الجامعة أنهم قاموا بتعديل دستور الاتحاد السابق لتتوفر فيه شروط قيام الاتحاد المهني ولكن الدولة ممثلة في وزارة الثقافة وكل الوزارات الخدمية أصرت على أن يكون حق تنظيم المهنة حصرياً على الدولة، فولد هذا المجلس وصعد الدراميون في آخر عربات هذا القطار ولم نكن نرَ خيراً في صعودهم هذا القطار إلا أن هنالك مصلحة قد تحققت باعتراف الدولة بالموسيقى والغناء والدراما كمهن لأول مرة في تاريخ السودان وهذا إنجاز. وعن الدور المنوط بالمجلس قال سيف الجامعة إن الدور المرتقب من المجلس كجهة مرجعية أولى يفترض أن تكون الوحيدة لتنظيم مهنة الموسيقى والدراما وتتصدى للمشاكل التي يعايشها أهل المهنتين وأولها ظاهرة التقليد والارتزاق التي عطّلت الإبداع في السودان مع التصدي لمشاكل تقاعد المبدعين وتوحيد قناة ترخيص مزاولة مهنة الموسيقى بقفل كل الأبواب الخلفية التي تسمح بدخول أنصاف المواهب. وطالب سيف الجامعة المجلس الجديد بالتصدي للظواهر السالبة عبر ضبط سلوكيات مزاولي المهنتين، وأردف بقوله: «إننا لسنا في أوروبا فنحن في السودان ومازلنا وما يحدث غير مقبول على الإطلاق». ومضى إلى أنه لابد أن يكون لهذا المجلس القدرة في أن يكون بصفته الاعتبارية هو الجهة الوحيدة التي تصرّح للمطربين والمطربات بالسفر خارج السودان لتقديم الفن السوداني ويجب أن يكون كذلك الجهة الوحيدة التي تمنح الدخول للمطربين والمطربات الأجانب إلى بلادنا وذلك لضبط الساحة الفنية، وأشار إلى أنه لابد من أن ينسِّق هذا المجلس تنسيقاً كاملاً مع الاتحادات ذات الصلة بالمهنتين، وختم بقوله (البكا بحرِّرو أهلو). { الملحن وعازف الإيقاع الأشهر محمد سليمان المزارع قال إن حركة الغناء والموسيقى ظلت متوقفة وفقدت عافيتها منذ عام 1995م، وطالب المجلس الجديد بأن يقوم بدوره في إعادة الدم إلى شرايينها بتنظيف الساحة من الشوائب وكل ما يسيء لهذه المهنة. { أما (التيمان) حسن وحسين أو (ثنائي الجيل) فقد قالا إن إقرار قيام المجلس من قِبل الدولة قد جاء متأخراً جداً وكان يجب أن يُقام قبل حالة الانحدار والهبوط التي يمر بها الفن السوداني. واستبشرا خيراً بقيامه خاصة في ظل الصلاحيات المطلقة التي يتمتع بها وطالباه بالتقنين وأكدا أن الشخصيات الممثلة للمجلس الجديد تتمتع بثقة أهل الفن وركزا على بند إتاحة الفرص بعدالة لكل المبدعين مع إنصاف المظلومين مثل «ثنائي الجيل» كما قالا. من جانبه قال الأمين العام للمجلس، الدكتور عبد القادر سالم، ل«الأهرام اليوم» إنه يشكر اتحاد المهن الموسيقية الذي منحه تفويضاً لمتابعة قانون مجلس المهن الموسيقية والمسرحية منذ العام 2006م في وزارة الثقافة وإدارة التشريع بوزارة العدل وبقطاع الخدمات بمجلس الوزراء إلى أن تحوّل إلى قانون مجلس المهن الموسيقية والمسرحية بدلاً عن قانون اتحاد المهن الموسيقية. وبعد اعتماده من المجلس الوطني ومجلس الوزراء وقّعه رئيس الجمهورية بعد الربع الأخير من هذا العام. وأبدى الأمين العام سعادته أن تم تكليفه من قِبل الدولة ليكون أميناً عاماً له ووصف التكليف بالمسؤولية الضخمة، وأضاف أنهم بعد ثلاثة أشهر سيتجاوزون مرحلة الإعداد، وأكد تعاونه مع الأعضاء وكل الاتحادات الموسيقية والمسرحية لوضع اللوائح المناسبة لتقنين مهنتي الموسيقى والمسرح، وأردف «عندما نقول موسيقى نقصد العزف، الغناء، التأليف والتوزيع الموسيقى وغيرها». واعترف الدكتور سالم بأن تكوين المجلس قد تأخّر كثيراً، وثمّن تبعية المجلس لوزارة الموارد البشرية بقيادة الوزير كمال عبد اللطيف ووصفه بالمراهن على أهمية المجلس بعد أن أعلن دعمه المطلق له، وتوقّع سالم أن يلتئم المجلس في جلسته الأولى قبل نهاية هذا الشهر، وأشار إلى أن للمجلس لجاناً مثل لجنة القيد، ترقية المهنة، الشكاوى والاستئنافات، العلاقات العامة والخارجية وغيرها، وطالب منتسبي الاتحادات ذات الصلة بالمجلس بضرورة العمل الجماعي، ووعد كل ذي حق بأن ينال حقه في الممارسة الموسيقية والمسرحية، مشيراً إلى دعم القانون لناشئة الموسيقى والمسرح باعتماد المجلس لهم بالسجل المبدئي لمدة تتراوح بين عام وثلاثة أعوام وبعدها يُصعّدون مع توفُّر التدريب وتقنين الأعمال الخاصة.