نواصل ما ذكرناه أمس عن الحوار الذي أُجريَ مع السيد الميرغني ونشرته صحيفة القدس العربي، ومن أقواله أن (حسم نتيجة استفتاء تقرير مصير جنوب السودان يتوقّف بالدرجة الأولى على موقف الشريكين منه وبالتالي فإن مسؤولية فشل الحفاظ على وحدة السودان تقع عليهما والمهم هو الحفاظ على الوحدة واستمرارها في أي صورة من الصور إذا حدث الانفصال). ونتفق مع السيد محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي في الجزء الأول من كلامه وهو أن مسؤولية الانفصال إذا ما تم تقع بالدرجة الأولى على الشريكين أي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. ولكن ذلك لايعفي الآخرين من المسؤولية مع الفارق في درجة هذه المسؤولية. ومن هؤلاء الآخرين الحزب الاتحادي الديمقرطي الذي يقوده السيد الميرغني وحزب الأمة الذي يتزعمه السيد الصادق المهدي.. فلو أن هذين الحزبين التاريخيين اتخذا منذ البداية موقفاً رافضاً صارماً ضد فكرة تقرير المصير، لكان شكل المشهد الآن مختلفاً. وكنا قلنا من أيام إنه حتى آباء الاستقلال على جلالة إنجازهم يتحملون قدراً من هذه المسؤولية إذا ما تم الانفصال. وذكرت الجريدة أن السيد الميرغني (طرح رؤية حزبه المستقبلية المتمثلة في قيام اتحاد يجمع مصر والجماهيرية الليبية وارتيريا والسودان). ونعتقد أنها في كل الواقع الإقليمي والدولي الراهن وفي كل الواقع السوداني رؤية خيالية أكثر من اللازم. والأهم من سواه الآن هو ترسيخ الوحدة الوطنية السودانية سواء ظل السودان موحداً أم انقسم إلى دولتين بعد الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب المقرر إجراؤه الشهر القادم. واقترح السيد الميرغني لاستمرار خيار الوحدة بين الشمال والجنوب جاذباً وحتى لايقود الانفصال إلى مشاكل أن تبقى الجنسية السودانية للجميع لمدة خمس سنوات. وهنا أيضاً نختلف مع السيد الميرغني وهنا أيضاً تنازل جديد يقدمه الشمال للجنوب وترى الغالبية الساحقة في الشمال إنه إذا ما تم الانفصال يجب أن يعود الشماليون المقيمون بالجنوب إلى الشمال وأن يرجع الجنوبيون إلى الجنوب. فقد كان الانفصال هو اختيارهم وعندها يصبح واجبهم الأول هو أن يرجعوا إلى الجنوب حيث المواطنة التي من الدرجة الأولى. إن السياسيين الشماليين يساراً ووسطاً ويميناً مطالبون بالكف عن تقديم التنازلات، والانحياز المطلق للعدل والحقيقة والإنصاف. وليس من العدل وليس من المصلحة أن يكون لمن اختاروا الانفصال سواء بالتصويت أم بالامتناع عن التسجيل (الذي هو مساعدة كبرى لتحقيق الانفصال) حق التمتع أو اكتساب جنسية البلد الذي رفضوا أن يعيشوا فيه واختاروا الانفصال عنه.