بهاتف مختصر أخبرتني الإعلامية المتميزة صاحبة الصوت الأنيق - فقد تصح أناقة الأصوات - (أميرة كروري) باستضافتها لصوتي عبر مساحة برنامجها المميز (كلام نسوان) بالإذاعة الرياضية أف.أم 104 الذي تناقش فيه موضوع الغفران والمسامحة للخيانة! وافقت، فكيف استطيع لها رفضاً! ثم تواصل يومي منفقة كل حواسي على التركيز في أحاديث السادة مسؤولي الصحة في بلدي من وزيرها الاتحادي (عبد الله تية) وممثلي الصحة العالمية واليونيسيف، وحتى طفلة صغيرة جانبت كرسيّ مستدفئة بطرف ثوبي تراقب ما سيكون هذا الحديث. والحديث كان عن انطلاق حملة تعزيز لصحة الطفل من خلية نشاط وزارة الصحة (برنامج التحصين الموسع) التي ما فتئت تستعد عقب نهاية كل حملة للتي بعدها من الشلل والحصبة والديدان الخ.. للقضاء على كافة ما يقلق في أمراض الطفولة، متجاوزة سقف الأمنيات الى فضاء الواقع المعاش بتغطية مسبوقة بنجاح في القضاء على شلل الأطفال في السودان رغم حدوده المفتوحة بترحاب على الوافدين والنازحين، ورغم عبء التقاليد الصارمة والمعتقدات المجتمعية لبعض القبائل والسكان. وقد سكنّا بدفء خالص في أرض صيوان التدشين منذ ساعات الصباح بدار المايقوما وقبيل منتصف النهار، نتطعم جرعات الوقاية من الجهل الصحي ونعزز معرفتنا الأولية بما يجب أن تكون عليه خياراتنا تجاه أطفالنا. وقد يبدو للبعض أن حديثي مكرر، وهو مكرر فعلاً! وسيتكرر كلما تكرمت إدارة التحصين بدعوتي لفعالياتها وحملاتها ليس كتشريف أو تقريب لعلاقات مصلحة بيننا، بقدر ما أنه اهتمام متبادل بصحة الطفل، وإيمان بضرورة نشر الوعي بالتطعيم كخيار أولي نسبق به المرض خطوات، ويقينا من شر أسرّة المستشفيات وإهدار المال والدموع والدعوات على جسد طفل أصيب بإسهال أو ذات الرئة أو حتى الحصبة! فما نحسبه خياراً مريحاً لتجنب دمعة طفلنا من حقنة التطعيم، ينقلب علينا سيولاً من الحزن تجاه أي وباء أو مرض يجد في جهازه المناعي ثغرة لم تغطها جرعة تحصين أساسية أو حتى تنشيطية. وفي حديث موسع ببرنامج مساء جديد من (د. أميمة) المختصة بأمراض الكبد للأطفال عن الإحصائية الكبيرة للأطفال المصابين به لمجرد ضعف مناعتهم في تلقي العدوى منه، وهو حديث يضاف إلى قائمة التحصين الضروري، فمصل فيروس الكبد الوبائي واحد من الجرعات الأساسية التي تمنح للأطفال في بدايات عمرهم وتنشّط لاحقا. الآن الأحياء في كافة محليات الخرطوم يطوف بها مكبر صوت يهتف للأمهات بالحرص على التطعيم، إن لم تستطع الحصول عليها بكامل راحتها في المنزل، فيجب أن تحرص على أخذ طفلها لأقرب مركز خلال أيام التطعيم. هذا الصوت المكبر يجب التعامل معه ليس باعتباره منبهاً ومؤقتاً لساعة التطعيم، لكن بالضرورة كجرس مستمر يرن كل أوان بحرص الاستفادة من الخدمات الصحية المجانية للطفل بالتطعيم الأساسي ليس كخيار يمكن أن يستبدل بوجبة غنية أو فصل مدرسي راق! إنما كإلزام حياتي للمحافظة على ذريتنا الخاصة بنا جينياً كبنية مجتمعية صحية عامة لن ترهقنا في الصرف عليها على المستوى العام من الخدمات أو الخاص من الوقت والمال. وفي ميل القلوب تجاه الغفران والنسيان والتعاطي مع الجرائم العاطفية أو الروحية باعتبار أن الخيانة كأقسى تلك الجرائم نفسياً فإذا تمكنت طفلة حرمت من السير والتعليم واختيار صحتها سابقاً من غفران خيانة والديها لها بعدم ذهابهم بها إلى التطعيم، حتماً ستتمكن أي زوجة بكامل عافيتها من غفران خيانة زوجها!