{ فى العام 1994 تم إنتاج أول نبات معدل وراثياً، وهو نبات الطماطم الذي يتميز بصفة تأخر عملية النضج، وقد تم التوصل إلى هذه المعالجة بعد تجارب طويلة ومعقدة تمت فى إحدى الدول المتقدمة، ويتم إنتاج المحاصيل المعدلة وراثياً باستخدام التكنولوجيا الحيوية الحديثة، ومن الحبوب المعدلة وراثياً الأرز والبسلة (البازلاء) والقمح والذرة والفول السوداني وفول الصويا، بالإضافة لمواد غذائية أخرى، حيث تم إنتاج دجاج بحجم النعام، ونعام بحجم الأبقار. { تعرف الهندسة الجينية بأنها التقنية التي تمكّن العلماء والباحثين من تغيير تركيب السلسلة الوراثية للكائن الحي، من خلال التركيب الجيني، أو من خلال عملية حقن ومزج جينات أحد الأجناس في جينات جنس آخر، مما يؤدي لاستحداث كائنات جديدة محورة جينياً، ومن الأمثلة على ذلك مزج جينات بعض الأسماك في الطماطم، وعملية أخرى يتم فيها مزج جينات بشرية فى الأرز، ونجد أن أهم الإنجازات فى هذا الجانب تمت في عالم النباتات، ويكون الهدف دائماً إنتاج نباتات قادرة على إعطاء كميات وافرة من المحاصيل والثمار والبذور، ولها في ذات الوقت القدرة على مكافحة الآفات الزراعية، ويمكن أن تنمو في بيئات مناخية متطرفة. { ما زالت الأغذية المعدلة وراثياً تحظى باهتمام عالمي، نظراً لتضارب ونقص المعلومات العلمية المتوفرة، وبالرغم من ذلك نجد أن أصحاب الشركات العالمية المنتجة لمثل هذه الأغذية يصرّون بشكل عجيب على أن أغذيتهم سليمة وصحية، وفي المقابل نجد أن المنظمات العالمية المهتمة بالبيئة وصحة الغذاء وكذلك جمعيات ونقابات الأطباء في عدة دول تحذر بشكل متواصل من المخاطر المدمرة لهذه الأغذية، سواء أعلى الإنسان أو الحيوان، ففي العام 2004 أصدرت الجمعية الطبية البريطانية تقريراً مفصلاً حول مخاطر هذه الأغذية المعدلة وراثياً، وأشار التقرير بشكل صريح إلى أن تناول هذه الأغذية يمكن أن يحدث للإنسان ردود فعل تحسسية خطيرة، وأضاف التقرير أن المعلومات المتوفرة حول مخاطر هذه الأغذية على صحة الإنسان سواء على المدي الزمني القصير أو المتوسط أو الطويل ما زالت مجهولة وتحتمل كافة الاحتمالات، وكذلك يؤكد العلماء أن المشكلة أكبر من تناول الإنسان لهذه الأغذية، حيث أن الكائنات والنباتات المعدلة وراثياً قد تنتشر في الطبيعة وتتهاجن مع كائنات طبيعية أخرى، مما يؤدي إلى نشوء أنواع جديدة من المخلوقات لا يمكن أبداً التكهن بتأثيرها على التوازن الطبيعي، وهذا سيخلف تأثيرات غير متوقعة وربما مدمرة على صحة الإنسان وعلى بقية الكائنات الحية الحيوانية والنباتية. { في نوفمبر من العام 2005 أكد فريق للأبحاث في أستراليا أن تناول فئران الاختبار لحبوب البسلة المعدلة وراثياً أدى إلى إحداث ردود فعل تحسسية لديها، والسبب المباشر في ذلك يعزي إلى وجود تغيرات طفيفة على البروتين المعدل جينياً، وفي العام 2006 وافقت اللجنة الأوروبية على إنتاج الذرة الصفراء المهندسة وراثياً التي عرفت باسم (MON863) وهي في الأصل من ابتكار إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية في (مونسانتو)، ومما يثير الدهشة أن التجارب التي أجريت على هذه الذرة بينت أن فئران الاختبار التي تناولتها قد أظهرت تغيرات في كريات الدم البيضاء لديها وفي حجم الكٌلي وحدوث تغيرات فسيولوجية في أداء بعض أجهزة جسمها الحيوية المهمة، وتوالت التجارب والأبحاث، ليتم الكشف عن وجود أحد السموم المعروف باسم (CRYiac) في أرز مهندس وراثياً يطلق عليه (Bt63) وهذا السم له تأثيرات خطيرة على الفئران، ويتوقع الباحثون أن تكون له تأثيرات على الجهاز المناعي لدى الإنسان، ويضاف إلى تلك المخاطر مخاطر أخرى تتعلق بصعوبة الهضم لمثل هذه الأغذية، كما أن بعض المحاصيل المعدلة وراثياً تحمل جينات مقاومة للمضادات الحيوية وبعضها الآخر تحمل جينات مسببة للحساسية، وعموماً فإن مجمل الدراسات والأبحاث التي أجريت لم تكن كافية لتوفير المعلومات المطلوبة، والشركات التي تعمل في هذه الأغذية تستخدم نفوذها المالي الضخم لتعيق الاستجابة للمنشادات الواسعة التي تطالب بإعطاء مزيد من الوقت للتجارب الجارية للوصول إلى حقيقة هذه الأغذية المعدلة وراثياً وتحديد صلاحيتها من خطورتها. { في فبراير من العام 2007 م كشفت هيئة المواصفات والمقاييس عن كمية من الذرة تقدر بثلاثة آلاف جوال زنة خمس كيلوجرامات أدخلتها منظمة ألمانية، وقد تمت إبادتها بسبب أنها تجاوزت مدة الصلاحية، وقد اتضح أن ذات المنظمة كانت قد أدخلت كميات سابقة من ذات السلعة المعدلة وراثياً عن طريق كينيا ولعلها ذات الذرة الصفراء التي تنتجها إحدى الشركات الأمريكية، وما يضاعف المخاطر في دارفور بجانب الحرب المستعرة أن الشركات الكبرى المنتجة للحبوب المعدلة وراثياً توقع عقوداً بمليارات الدولارات مع المنظمات العاملة في دارفور لشراء هذه الحبوب مقابل رشي تقدمها للقيادات بتلك المنظمات. { من المؤكد أن الحبوب والأغذية هي ليست وحدها المعدلة وراثياً في دارفور وإنما التعديل الوراثي قد سبقها الى الأزمة نفسها، فما عاد بمقدور الدنيا بأكملها السيطرة عليها بعد أن تحولت هذه الأزمة إلى كائن جديد يحمل جينات لا عهد لنا بها.