{ كتبنا سابقاً كثيراً عن الوحدة وضرورتها وأهميتها للسودان كدولة وللمواطنين كإرث تاريخي، وأسرفنا في الكتابة في هذا المجال باستعراضنا لجوانب متعددة شملت الكثير من مهددات الانفصال وعواقبه. { الآن تمردت الحركة الشعبية على ما تمَّ الاتفاق عليه في اتفاقية نيفاشا للسلام بالعمل الجاد هي والمؤتمر الوطني على أن تكون الوحدة جاذبة. ولا نحتاج لدليل على أن الحركة لم تعمل مثقال حبة من خردل لأن تكون الوحدة جاذبة، بل عملت بكل ما تملك وما لا تملك لأن تكون الوحدة غير جاذبة بل طاردة. { هنا يبدو أن الانفصال هو الأرجح في حدود ما يقوم به قادة الحركة الشعبية والموالون لها من المواطنين، مع قدر يسير من الأمل للوحدويين من أبناء الجنوب، وفي كلا الحالتين فإن الوضع لا يبشر ب(سلاسة) بل نُذره كثيرة. { ما بعد الانفصال يجد أهل الشمال فرصتهم التي حالت دونها اتفاقية السلام بحرمانهم من حق الاستفتاء في التعبير القوي دون مجاملة عن انفصاليتهم بتحقيق هدفهم دون أن يكونوا مشاركين لتكون (عدالة )؛ الجنوبيون انفصاليون والشماليون انفصاليون، والبادئ أظلم. { الإسلوب الذي تنتهجه الحركة الشعبية على كل الأصعدة؛ دعوة لعنف وتمايز بصورة حادة ولن تتوفر ظروف تسمح بوجود جنوبي في الشمال، ولا شمالي في الجنوب، مهما قيل من الحريات الأربع «لا مكان لها من الإعراب». فالانفصال لم يتم في ظروف حريات أربع أو خمس؛ بل قام في ظروف استفزازية اجتراراً لماضٍ لسنا طرفاً فيه ومحرَّف. { الشمال سوف يكون أكثر استفادة اقتصادياً واجتماعياً، وسوف يذوق طعم الاستقرار والنمو والتطور؛ بعد أن يوجِّه كل طاقاته التي كانت موجَّهة للجنوب، حرباً أو سلماً، (50 عاماً). الجنوب لم يكن في يوم من الأيام داعماً للشمال هذا في حالة استقرار الحدود والدولة الجنوبية. { أما إذا لم يحدث الهدوء والأمن على حدود الدولتين؛ فإن الجنوب سوف يكون أكثر خسارة من التوترات الأمنية، بل سوف يتحسر على الماضي؛ فالقتال عندئذٍ سوف يكون بالوكالة في الجنوب وبالأصالة في الشمال. والشمال دولة قائمة مستقرة بها أكثر من (30) مليون نسمة والجنوبيون دولة ناشئة تعدادها لا يزيد عن (7) ملايين نسمة. فالكفتان غير متساويتين. { أخيراً، السودان شمالاً غير مهدد بحرب المياه، حتى بعد أن تأتي إسرائيل جنوباً وتشيِّد ما شاءت من السدود. فالماء ماء الله مجريها ويعلم مستقرها، ولدينا من معدلات الأمطار داخل الحدود ما يفي بأكثر من (60%) من غذائنا، ولكن هناك من هم متأثرون وهم الآن متفرجون. مخرج: آن الآوان أن نعد العدة ونشد المئزر ونستنهض الهمم ونحيي القيم استحقاقاً لخلافة الله في الأرض، بسطاً للعدل ودفعاً للظلم وامتثالاً لأوامر الله: «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ». الأعراف (96) والسلام بقلم م. محمد أحمد محمد نور