{ أتفهَّم تماماً حاجة أيّة فضائيَّة للمادة الإعلانيَّة، باعتبار أنها مورد مهم للمال الذي تسيِّر به أعمالها من إنتاج برامج ودفع مرتبات.. الخ، وأتفهم جيداً أن تمنحها حيزاً مقدراً من فترة بثها، لكن الإعلان للأسف ربما يسبِّب ضيقاً للمشاهد، أو ربما يكون السبب في نفوره من البرامج المعلن من خلالها، ومثال على ذلك حالة الضيق والملل التي حدثني عنها كثيرون من إعلانات برنامج «أغاني واغاني» التي تتخلل البرنامج زي المطرة، ولولا أن البرنامج كان بالفعل ذا محتوى جيد فلربما كانت الإعلانات هي قاصمة ظهره الأولى، واتفهّم جيداً رغبة المعلنين للظهور في أكثر ساعات البث مشاهدة حتى يضمنوا أكبر عدد من المتابعين لهم، لكن ما يحدث غالباً في «مساء جديد» فاق حد الوصف، وينبغي على إدارة قناة النيل الأزرق أن تستثني البرنامج من المد الإعلاني الذي تغوّل على المادة والإعداد ليصبح فقرات رئيسية تشكل كل ملامح المساء، مما أفقد البرنامج طعمه المميز ونكهته الخاصة ورشاقة المادة التي يقدمها، خاصة وأنه، أو هكذا يبدو لي، أن فكرته الأساسية أنه برنامج للمنوعات أو للمواضيع ذات المحتوى الاجتماعي والفني والثقافي، وليس مكاناً للحديث عن الشركات والبنوك والأرقام، أو مغالطات السياسة والسياسيين، ودعوني أضرب مثلاً عل ذلك بحلقة مساء الأربعاء التي قدّمها سوركتي وتسابيح مبارك خاطر، وقُدِّمت من خلالها فقرة دسمة بعنوان «رد الجميل والحوش الكبير»، وهي المنظمة التي أسسها الشاعر الكبير محجوب شريف، ودون الدخول والسريان في أوردة وشرايين هذا العمل الإنساني الكبير، لأنني أدخر كل ما عندي من كلمات ومعانٍ وأحاسيس لأصف لقرائي الحوش الكبير حالما أقابل الأستاذ محجوب شريف، بعد أن قطع لي من أثق في إيفائه بالوعد، قطع لي موعداً مع الأستاذ محجوب في الأيام القليلة القادمة للقائه والحديث إليه.. لكنّ الفقرة التي أنتجها الأستاذ المخرج أمير أحمد السيد كانت تتحدث عن نفسها، وكل لقطة سجلتها الكاميرا كانت مغنطيسياً يجذب المشاهد إليها ولا يقوى على الانفكاك من سحرها أو التحول عنها. بالمناسبة الأستاذ المخرج أمير رجل فنان على كافة الأصعدة التي يتناولها، وفي بالي وبالكم بالتأكيد الحلقة الرائعة التي قدم من خلالها سيرة الراحل الفنان عبد الدافع عثمان، وفي بالي حواراته الإذاعية التي أتحف بها أذن المستمع السوداني، وفي بالي وبالكم حواراته الصحفية الخبطة التي كان آخرها حوار كل المواسم مع النجمة المصرية المعتزلة هند رستم التي لم تفلح حتى الصحافة المصرية في إقناعها بالظهور على صفحاتها بالحديث فقط، وأفلح الأمير في أن يظهرها بالصورة والقلم لتتحدث كما لم تتحدث من قبل، ولعل هذا المخزون الإبداعي في الأخ أمير هو ما جعله يتخير «مساء جديد» لتقديم هذه الفقرة لأنه رجل ذكي يعرف الزمان والتوقيت ويفصل عليهما الحدث والمناسبة، فلماذا، وحديثي أوجهه مباشرة للأخ حسن فضل المولى، لماذا لا تمنح الفرصة لأمير ولأمثاله من المبدعين لإعداد «مساء جديد» الذي هو تماماً القلادة الذهبية في سلسلة برامج النيل الأزرق، وعندما أضمن لكم أن كل بيوت السودانيين ستفتح على شاشة المساء الجديد، كما حدث مساء الأربعاء، رغم أنه، وعلى حد وصف إعلان الزيت المشهور، المذيع ياهو المذيع، والمذيعة ياها تسابيح، والاستديو هو ذاته الأستديو، لكن وش البامية ما ياهو.. ده أسمح شوية!! { كلمة عزيزة أعترف أنني أتضايق وأشعر بنشفان في الريق عندما أشاهد فناناً يغني واحدة من أغنيات غيره بصورة مشوهة، أو أنه يحاول أن يضيف عليها من عنده فيخصم منها الكثير، لكن لأوّل مرة أشعر أنني محتاجة لمحلول وريدي عاجل ليبلِّل عروقي التي جفّت، مش حلقي براهُ، وأنا أشاهد شروق أبو الناس على شاشة (زول) تغني رائعة كمال ترباس «عينيّ ما تبكي» حيث أدتها بصورة باهتة وعدم إحساس قاتل وخروج عن اللحن وعدم حفظ للكلمات «فأبكت عيوننا» وخلّتنا نحمل هم ونشيل حياتنا ندم! { كلمة أعز ألم أقل لكم إن نجوم الغد هذا الموسم باهت الصورة فاقد التفاصيل، مرَّ دون أن يحسَّ به أحد، والدليل على ذلك أن اليوم الجمعة مساء هو ختام موسمه على المسرح القومي، وأتحدّى شخصاً أن يذكر لي اسم ثلاثة من أصوات المشتركين أو صوتاً واحداً مميزاً لفت الأنظار. أخي بابكر صديق ليس بالفكرة وحدها يستمر برنامج كنجوم الغد، أوقف البرنامج وأعد فيه النظر وأشرك فيه غيرك بالرأي وامنحه التجديد الذي يستحقه، وإلا ماذا؟ سيكون عمره لحدِّي هنا وتجوز عليه الرحمة!