كفتني الأخت المعدة منال فتح الرحمن حرج السؤال عن اسم مقدم السهرة التي دعتني لأكون ضيفة فيها، عندما أخبرتني أنني مدعوة إلى سهرة (سهران يا نيل) مساء الثلاثاء على شاشة قناة النيل الأزرق، ولعلمي المسبق أن السهرة هي من تقديم المذيع اللامع سعد الدين حسن، اكتفيت بالدعوة فقط ولم أزد على أن قلت لها «سأكون حاضرة في الموعد إن شاء الله». لكن وأنا في طريقي نحو القناة اتصل بي أحد الإخوة الزملاء مستفسراً عن ميقات السهرة بالضبط وعن الموضوع الذي سنناقشه فيها، فكان أن منحته معلومة ظننتها غائبة عنه، (وشلاقة) ساي مني، وقلت ليه السهرة من تقديم الأخ سعد الدين، ففاجأني أنه وعلى حسب معلوماته أن سعد الدين في مهمة إعلامية تخص قناة العربية التي يراسلها، وأنه موجود في إحدى مدن الجنوب، أو إحدى مدن (دولة الجنوب)، كده متكيف يا باقان ويا عرمان!! المهم لحظتها شعرت بوخزات أصابت أنحاء جسدي وقلت لنفسي الليلة أمانة ما وقعت مرأة ودي على وزن (أمانة ما وقع راجل)، وقلت إن السهرة لا بد أنها ستوكل إلى واحدة من المذيعات، وأخشى ما أخشى أن تكون من اللي (بالي بالك)، وأقصد أن تكون قد قضت يومها في الكوفير وبحثاً عن الثوب أبوترتر لزوم السهرة وما عندها فكرة عن الموضوع المطروح، فتجيب خبر السهرة وتجيب خبرنا معاها، ونغني مع سيف «اعذروني السهرة ديه حتبقى آخر سهرة ليه». على فكرة الجزئية الأخيرة مهمة جداً لأنني أعتقد أن المقدم يلعب دوراً كبيراً في نجاح البرنامج بحضوره وتلقائيته وإزالة الرهبة عن ضيوفه، وممكن يرتفع بمستوى الحوار ويخرج أفضل ما لدى ضيفه. المهم أنني توكلت على فراج الكرب يعدي الكربة دي، أقصد الليلة دي، ودخلت النيل الأزرق، وأول ما فعلته شمشمت عن مقدم البرنامج فعرفت أنه المذيع الشاب محمد عثمان، ورغم أنني قد أشدت بمحمد أكثر من مرة لكن خوفي لم يبارحني لأن الزمن للحديث طويل، والضيوف بمستوى وزير الثقافة الأستاذ السموأل خلف الله، وفنان مثقف كالأستاذ سيف الجامعة، لكن وللأمانة وبالصدق كله أقول إن محمد قد نجح بدرجة عالية من الحضور والذكاء والأريحية في الخروج بالسهرة إلى بر الأمان، وخرج على قدر الممكن بأفضل ما يمكن أن نقوله وهو يطرح أسئلة مهمة بترتيب منطقي، وهو مستمع جيد كما هو متحدث جيد، ولعلي بهذا الحديث لا أود فقط الإشادة بمحمد عثمان ولكن أود الإشارة إلى إدارة النيل الأزرق وإلى إدارة البرامج فيها أنه لا بد من إنتاج برامج ذات قيمة ومحتوى وفكرة يقدمها أمثال محمد عثمان حتى تحاول أن تحفز كل خلايا الإبداع داخلهم في أن تفرز ما لديها من مواهب وإبداع لأنه حرام أن نسجنه في برامج إما أن تكون برامج مناسبات ومواسم أو من شاكلة البرامج التي لا تحتاج إلى مجهود وأي شخص عادي يمكن أن يتجاوز امتحانها، لذلك -وحديثي أوجهه للأخ حسن فضل المولى لأنني أعلم أنه يتابع ما نكتبه وأنه يأخذ بالكثير منه، ليس لأننا دائماً صاح ولا لأننا أكثر متابعة ومراقبة منه لما تقدمه فضائيته، ولكنها شخصية الرجل المسؤولة التي تعتبر الرأي الآخر مكملاً لمعادلة النجاح، ووالله لو أن المسؤولين في مواقع مهمة تتعلق بمعيشة الناس وصحتهم كانوا يستجيبون ويتفاعلون كما يفعل الأخ حسن لكانت كل مشاكلنا قد حلت ولما وجدنا ما نكتب عنه غير الإشادة. وأقول إنه لا بد من أن يمنح أمثال محمد عثمان الفرصة كاملة في برامج وفيرة الإنتاج غزيرة المنتج، وأنا واثقة من أنه سيكون له شأن كبير لا سيما وهو لا زال صغير السن وأمامه المستقبل بطوله وعرضه. كلمة عزيزة عندما بدأ برنامج (من سيربح المليون) بنسخته العربية على فضائية ال (إم بي سي) كان ميعاد بثه هو الوقت الذي تخلو فيه الشوارع من المارة وتجتمع الأسر حول التلفزيون في تحلق عجيب وهذا في رأيي ليس لأن لأحد نصيباً في المليون ريال قيمة الجائزة، ولكن لأن البرنامج جاء بالجديد في كل ما يتعلق به، حيث أن الدهشة والمغامرة والترقب والتحدي كانت هي صفات فقراته، والروعة والتلقائية والبساطة وخفة الظل كانت هي صفات مقدمه الأستاذ جورج قرداحي، لذا نجح البرنامج في مواسمه الأولى حتى مل منه الناس، وهو طبع البشر، وبعدها توقف. ما قادني إلى هذا أن فضائياتنا للأسف لم تملك حتى الآن شاكلة مثل هذه البرامج اللهم إلا تجربتين نالتا الرضا والاستحسان لكنهما بقيتا رهينتين للموسمية، وأقصد برنامجي (أغاني وأغاني) وبرنامج (بنات حواء)، لذا دعوني أستفز معدي ومقدمي الفضائيات السودانية دون استثناء لتقديم برنامج بدورة واحدة (يخلع) الناس ويجبرهم على لزوم منازلهم والحديث عنه في ونستهم وملتقياتهم، وحتى يحدث هذا تظل قنواتنا تدور في فلك العادي والطبيعي ومن كان سقف طموحه العادي والطبيعي أخير يشوف ليه شغلة تانية. كلمة أعز يبدو أن إيمان لندن معجبة بأسماء المدن بدليل اسمها وشرائها لأغنيات (العطبراوي) ولو أنها استمرت بهذه الطريقة الله يستر على أغنيات ثنائي (العاصمة).