كل الناس لديهم بعض المشاغل التي تجعلهم يدخلون في عالم النسيان، ولكن يا ترى ماهي أسباب النسيان؟ أم أن الإنسان بطبعة «نسَّاي» ومن اسمه اشتق النسيان للمشاغل أو الظروف أو الضغوطات أو غيرها. «الأهرام اليوم» سألت فئات مختلفة من الناس في هذا الجانب فكانوا جميعهم من «النسَّايين»؛ إذ قالت «إيمان» إن النسيان من طبيعتها مما يجعلها تنسى أي شيء حتى الأمور البسيطة، وأشارت إلى أنها كثيراً ما فكرت في السبب ولم تجد من يدلها عليه فصارت محتارة، وأكدت بأنها تحاول جاهدة أن تتغلب على هذه الحالة ولكنها لم تجد أي مسلك. وتساءل «مصطفى» هل النسيان نعمة من عند الله أم هو نقمة ابتُلى بها الإنسان؟ واستطرد قائلاً: إذا فقدت عزيزاً لديك فإنك بلا محالة تحزن حزناً شديداً ويخيل إليك أن الحياة بدونه ستكون حنظلاً مُراً، ولكن بمرور الأيام يتلاشى كل الحزن وتنسى تلك الأيام المُرة وتعود تضحك وتبتسم، ويكون ذلك الفقد الذي أدمى القلوب مجرد ذكرى. إذن من نعم الله على الإنسان ظاهرة النسيان.. ولكن هل يتعمد الإنسان النسيان أم يأتي تلقائياً وهل الشخص يتمنى النسيان؟ ففي بعض الحالات يتمنى الشخص أن ينسى خاصة إن كانت التجربة التي عاشها مريرة، وقد ورد في القرآن الكريم في سورة مريم الآية (23) قوله تعالى: «فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا» صدق الله العظيم. وأبان أن النسيان رغم أنه من النعم لأن الأشياء المحزنة إذا لازمت الشخص فإن الحياة تصبح جحيماً لا يطاق؛ إلا أن كثرة النسيان تصبح آفة يصعب علاجها وهي مضرة بشد، ولقد تناول كثير من الشعراء في قصائدهم النسيان: «إن أنسَ لا أنسى ذكراك يا سلمى» و«نسيناك جاي تعمل إيه معانا بعدما ودرتنا». وأكدت الطالبة أمنية إن النسيان يفقدها بعض الذكريات الحلوة، وأضافت أن دراستها تحتم عليها إلا تنسى إلا القليل، وأشارت إلى أن النسيان يرجع إلى أسباب قد تكون نفسية وتؤدي إلى القلق ثم التوتر. أما «حبوبة آمنة» فقالت: (زمان كنا ما بنعرف حاجة اسمها نسيان وكانت كل الأشياء حولنا جميلة وسهلة لكن الزمن تغير تماماً والناس أصبحت مشغولة أكثر مما يجب وضاعفت الضغوطات النسيان بصورة كبيرة.. فأي زول تسألو يقول ليك بنسى.. والله يكون في العون). وأبانت «مها» أنها أكثر الناس نسياناً بصورة كبيرة حتى أنها قلقة من هذه الحالة التي تجعل البعض يصفها بعدم الاهتمام، وتساءلت: هل أجد حلاً لهذه المشكلة أم أنه سيأتي يوم أنسى فيه الأشياء الصغيرة أيضاً؟ وأضافت: سمعت أن علماء النفس يقولون إن النسيان عادةً ينتج من التوتر الشديد ويجعل الشخص أكثر استياءً. ويرى «عليوة محمد» أن النسيان شيء رائع من ناحية وسيئ من ناحية أخرى، وأضاف: (أنا شخصياً نسَّاي جداً لكن ليس لدرجة أن أنسى الأشياء المهمة)، واستدرك قائلاً: (لكن الشخص يمر ببلاوي في حياته إذا لم يجد النسيان لكانت كل البشرية راحت في خبر كان). وأشار العم أحمد بشارة إلى أن النسيان هبة وهبها الله لعباده حتى لا يسقطون من الإعياء والسأم بما يحملونه من هموم، وأردف: النسيان صفة حميدة يتمتع بها في هذا الكون الإنسان دون الحيوان، ووأضاف: النساء أكثر خلق الله نسياناً ولهذا السبب جعل الله شهادة امرأتين تعادل شهادة رجل واحد فإن نسيت المرأة الأولى ذكرتها الثانية بالأمر، كما نجد أن تقدم السن يؤثر بصورة ملحوظة.