أصبح النسيان مؤخراً من الظواهر البارزة بالمجتمع، حيث أصبحت صفة تلازم الكثيرين، ولم يعد يقتصر النسيان على ما هو متعارف عليه حيث كان الشخص ينسى موعداً أو تاريخاً حدث، بل امتد إلى أشياء أخرى كثيرة، حيث أصبح هناك من ينسى رقم لوحة مركبته أو رقم هاتفه أو وصف منزله، ونجد أن أغرب وقائع النسيان هو أن يقوم شخص بالاتصال برقم وعندما يرد عليه الشخص يقول له عبارة (إنت منو أنا قصدي أضرب لفلان نسيت)، ومثل هذه الحوادث أصبحت تتكرر بصورة مستمرة نسبة للضغوط ومتطلبات الحياة بصورة عامة، إلى جانب الظروف الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها المواطن، ومعروف أن ذاكرة العقل البشري لديها القدرة على التخزين. التقت (آخر لحظة) بعدد من المواطنين الذين سردوا قصصهم مع النسيان إلى جانب لقاء قصير مع طبيب نفسي شرح خلاله الأسباب التي تلعب دوراً في النسيان، فمعاً نطالع إفاداتهم: - بداية التقينا بالمواطن عوض عثمان حيث ذكر أن النسيان أصبح عادة لدى الكثير من الناس، وأنا شخصياً كثيراً ما أنسى حتى أصبحت عندما أوعد شخصاً ما أقول له عليك بتذكيري بمكالمة قبل الموعد بيوم وهكذا هو الحال، ومن أطرف المواقف التي مرت بي عندما نسيت أن أترك لزوجتي المصاريف اليومية وعند عودتي لم أجد ما أتناوله، وعندما شرعت في لومها قالت لي تخلص أولاً من الزهايمر الذي تعاني منه ثم بعد ذلك لومني، وتذكرت بعد ذلك أنني لم أترك لها المصاريف وضحكنا وقمت بطلب وجبة سريعة حتى أنقد موقفي. - فيما ذكرت المواطنة هدى فرح قائلة: النسيان يعني شيئاً طبيعياً جداً خاصة عند النساء، حيث إن المرأة أو الفتاة دوماً ما تكون مشغولة بكثير من الأمور مما يجعلها عرضة لنسيان حتى أهم شيء في حياتها، وأضافت هدى ضاحكة النسيان أصبح حتى في الأغنيات، ومنها (لو تنسى العروس اسم العريس ما مشكلة.. تنسى ليلى حبيبها قيس.. ما مشكلة)، وهكذا فإن النسيان أصبح عادة وليس ظاهرة. - وعدد د. محمد مزمل اختصاصي الأمراض النفسية والعصبية أسباب النسيان إلى مشاغل الحياة اليومية وعدم التنظيم، حيث قال إذا كان الشخص منظماً في حياته، فإنه لن ينسى شيئاً وحتى وإن نسيّ شيئاً فإنه ليس بالشيء المهم، لكن الشخص غير المنظم والذي لا يرتب أوراقه، من الطبيعي جداً أن يلازمه النسيان، وأيضاً هناك جانب آخر يجب أن لا ننساه وهو الظرف المعيشي وضغوط الحياة، وأضاف د. محمد أن النسيان هو عدم القدرة على استرجاع المعلومة المناسبة في الوقت المناسب. - فيما روى المواطن (ف.س) قصته مع النسيان قائلاً: في أحد أيام فصل الصيف الحارة وأثناء تواجدي داخل بص الوالي برفقة ابنتي ذات الثلاثة أعوام، وفي ظل التكييف العالي الذي تشتد برودته داخل البص، نمت أنا وابنتي ولم أستيقظ إلا على صوت هاتفي النقال ووجدت أنني تجاوزت محطتي بثلاث محطات، وبسرعة فائقة حين أدركت ذلك اتجهت صوب الباب الأمامي للبص ونزلت ولم أدرك أنني نسيت ابنتي إلا بعد وصولي إلى المنزل، وبسرعة وبعد اتصالات عديدة علمت أن لشركة البصات مكتباً، وبالفعل ذهبت ووجدتها هناك بحمد الله. - وعلى ذات الصعيد قالت سلوى إنها كانت تضع حلة الملاح على النار وذهبت إلى الجيران وقامت باحتساء القهوة معهن وجلست تتسامر مع جاراتها الأخريات، وعندما اشتممن رائحة حلة ملاح تحترق وبدأن يتساءلن، قالت أدركت حينها أن هذه رائحة (حلّتي) التي نسيتها. - وقال محمد عبد الإله إنه قام بدفن أمواله في مكان ما لفترة من الوقت داخل حوش أسرته الكبير بإحدى قرى الريف ولكنه نسي المكان الذي دفن فيه الأموال، وما زال يبحث عنه إلى اليوم على حد قوله. - وروى موسى أنه غالباً ما ينسى مفاتيح المنزل، وأحياناً مفتاح العربة، وهذه أصبحت حالة تلازمه باستمرار.