من منزل والده؛ عبد الله الفاضل المهدي، بشارع البلدية- الخرطوم، أعلن رئيس حزب الأمة للإصلاح والتجديد، حتى يوم أمس (السبت)؛ مبارك الفاضل، حلَّ مؤسساته التنظيمية والاندماج في حزب الأمة القومي، برئاسة الصادق المهدي. التوقيت تزامن مع الذكرى (55) لاحتفال البلاد بأعياد الاستقلال، وبقاء أسبوع فقط على إجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير، والنتيجة المتوقعة هي الانفصال لدى غالب الأحزاب المعارضة، ومن قبلها شريكا نيفاشا؛ المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، في ظل أوضاع سياسية معقدة. تلك الحالة جعلت مبارك الفاضل يلجأ إلى المثل الشعبي «نحن في شنو والحسانية في شنو»، وهو يرد على أسئلة الصحفيين أمس بعد إعلانه قرار الوحدة، حينما وصفه أحدهم بالمرتجل الذي لم يخضع لدراسة عميقة، ويدلل على حديثه بمحاولات سابقة فشلت في توحيد الكيان الذي أسسه الإمام محمد أحمد المهدي ليقاوم به الاستعمار، لكنه انقسم في التاريخ الحديث للسودان، واستدرك مبارك عندما انتزع ضحكة من الحضور لاستخدامه المثل الشعبي، فأشار إلى اعتزازه بالقبيلة، وقال: «المطلوب حالياً هو وضع برنامج لانتشال الوطن من الانهيار، وبخصوص ارتجالنا في إصدار القرار، فإنني أذكر بأن الوضع السياسي يختلف عما كنا عليه في العام 2002، الوضع الحالي استثنائي، إذا كنا نريد أن نمضي في الإطار النمطي القديم فإننا لن ندرك الموقف السياسي الحالي، ونحن كنا نتحدث عن مؤتمر استثنائي لحزب الأمة، لكننا حقيقة وجدنا (نحن في شنو والحسانية في شنو)»، هنا توقف مبارك عن الحديث بعد أن ضجت القاعة بالضحك والتصفيق، فواصل قائلا: «التطورات مضت بصورة تجعل من حديثنا عن المؤتمر الاستثنائي لا قيمة له، ومن باب الافتراض أننا أعطينا كل المواقع التي نريدها في الحزب، ماذا سنفعل وليس هناك تداول سلمي للسلطة ولا يوجد تحول ديمقراطي؟ والحزب هو لممارسة عمل سياسي والدعوة إلى برنامج والمنافسة من خلال انتخابات عامة، وإذا لم تتوفر كل هذه الأشياء فماذا سأفعل إذا كنت رئيس حزب أو أمينه العام؟». وبحسب قرار الأجهزة السياسية والتنفيذية لحزب الأمة الذي يرأسه مبارك الفاضل، الذي استمد مضمونه من قرار المؤتمر الثالث في مايو 2009 وقرار الحزب في (26) فبراير من العام الماضي، فإن إكمال الوحدة يتم عبر حل الجسم التنظيمي وتوفيق الأوضاع القانونية، والاندماج في حزب الأمة القومي اختصاراً للمراحل، لأن الأوضاع السياسية قد خلقت وضعاً استثنائيا يتجاوز كل الأطر التنظيمية القائمة، ويضيف القرار الذي تلاه على وسائل الإعلام الأمين العام لحزب الأمة (الإصلاح)؛ عبد الجليل الباشا، بأن قطاع الجنوب سيستمر في أعمال سكرتارية الحوار الجنوبي الجنوبي إلى حين استكمال إجراءات حل الحزب، وذلك نسبة لحساسية الوضع في الجنوب. ووجه الباشا نداء إلى كل قيادات وكوادر حزب الأمة التي ابتعدت عن الساحة وجمدت نشاطها، وخصص (التيار العام)، الذين اختلفوا على مخرجات المؤتمر العام السابع لحزب الأمة القومي. وكان مبارك الفاضل قد حدد (22) نقطة لتحميل المؤتمر الوطني مسؤولية انفصال الجنوب وتأجيج نيران الفتنة والحرب في البلاد، وقال إن زعيم الحركة الشعبية اضطر إلى تبني حق تقرير المصير بعد أن أدخلته الحركة الإسلامية في الأدب السياسي السوداني. ودعا حزب الأمة في برنامجه إلى تأطير العلاقة الإستراتيجة بين الشمال والجنوب عند وقوع الانفصال، باعتماد الجنسية المزدوجة للمواطنين، وإقامة ربط إذاعي وتلفزيوني، واعتماد الشراكة في خط أنابيب البترول والمصافي، وإنشاء صندوق مشترك لتنمية مناطق التمازج، وفتح الطرق النهرية والبرية والجوية، وإنشاء مجلس للأحزاب الشمالية والجنوبية للحوار والتواصل بصورة دورية، واعتماد توحيد الضريبة بين البلدين، واعتماد آلية فنية مشتركة لمياه النيل، وتشكيل مجلس دفاع مشترك، والتعاون في المجال الأمني والعسكري، وتشكيل مجلس رئاسي مشترك من رئيسي البلدين وهيئة برلمانية مشتركة. ودعا مبارك الفاضل المؤتمر الوطني إلى رفع الحظر عن إرسال المواد التموينية إلى الجنوب، وخصوصاً الذرة، وحذر من تداعيات ذلك. من جانبه قال أمين قطاع الجنوب بحزب الأمة (الإصلاح)؛ آدم عيسى (دامبا) ل(الأهرام اليوم)، إن قرار استمرار قطاعه يعود إلى العلاقات التاريخية، وسيعمل من خلال خطط موضوعة إلى ربط العلاقات بين الشمال والجنوب، بالأخص الاقتصادية منها، وخفض التوترات في حدود البلدين، وناشد آدم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بأن يسمحا للأحزاب السياسية المعارضة بالعمل من أجل إبعاد شبح الحرب، وقال: «انفصال الجنوب سيقع مثل الصاعقة، وخططنا أن نركز على التواصل واستمرار التجارة وتحقيق التعايش السلمي»، وزاد: «وجهنا قواعدنا في الجنوب بأن يحترموا خيار الجنوبيين عند الاستفتاء، على الرغم من وجود الوحدويين والانفصاليين بين صفوفنا، ووضعنا لهم فترة (6) أشهر لترتيبات ما بعد الاستفتاء، وبعد ذلك يقرر الحزب بشأنهم عند وقوع الانفصال». وأشار دامبا إلى أن الإمام عبد الرحمن المهدي أسس لعلاقات تاريخية مع المثقفين والسلاطين في جنوب السودان قبل تأسيس الأحزاب الوطنية.