رهن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، التزام الدولة بالاعتراف بخيار الجنوبيين في الاستفتاء، إذا ما جرى في أجواء نزيهة وشفافة. وقال في خطاب تاريخي بمدينة جوبا أمس (الثلاثاء): «قناعتنا أن الوحدة هي الأفضل وسنعمل لأجلها حتى آخر دقيقة، ولكننا سنعترف بما سيقرره الجنوبيون»، مشيراً إلى أن الروابط الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي بين الشمال والجنوب والترابط والتداخل والمصالح، معدومة بين أي دولتين في العالم. وقال: «إن السلام كان رسالتنا منذ استلامنا السلطة»، وأضاف: «بدأنا جهودنا من أول يوم حتى قبل إعلان تشكيل مجلس الوزراء وحاولنا الاتصال بالحركة ولم نجد وسيلة لذلك، لأننا لا نملك خطوط اتصال مباشر مع قيادة الحركة، وتمكنا أخيراً من التواصل معها عبر الحكومة الإثيوبية». واستعرض البشير كافة مراحل التفاوض التي توجت باتفاقية السلام، وأردف: «الآن حققنا نجاحاً ووصلنا أصعب بنود الاتفاقية (تقرير المصير) الذي جئنا إليه بقناعة»، واستطرد: «نحن عايشنا محاولة فرض الوحدة بالقوة من (55) عاماً فكان رأينا أن محاولة فرضها بالقوة فاشلة وما تحقق للجنوب من مكاسب الاتفاقية كاف برأينا لطمأنتهم بأنهم أخذوا حقوقهم كاملة وأعطيناهم (30%) من حكم الشمال في الحكومة الاتحادية مهراً للوحدة لأنها مصلحة وقوة وأمن وتقدم وتطور». وأوضح أن «الوحدة الوطنية بالنسبة لنا قناعة وليست مزايدة»، مشيراً إلى أن كل القوى المعارضة حين اجتمعت في أسمرا، وحكومة الوحدة الوطنية في الخرطوم اتفقت على حق (تقرير المصير)، وجدد الالتزام بالاتفاقية والعقود والمواثيق، وقال: «الراجل بربطوا من لسانه»، وضرب مثلاً بتوحد أوروبا بعد حربين حصدتا الملايين، وقال: «إن مصالح الشمال والجنوب معروفة تتطلب جلوس الطرفين بمسؤولية لبحثها»، وقال: «طبعاً بعد الانفصال ومثلما جئنا اليوم سنأتي للاحتفال معكم وما تفتكروا أنكم ستدعون الدول هنا، وهناك نحن (فارشين صيوان عزاء) لن نفعل ذلك نعم سيكون هناك حزن لأن السودان انقسم لكن أكون سعيداً لو نحن بعد الاستفتاء وقيام الدولتين حققنا السلام الحقيقي والنهائي للسودان بأطرافه، وتأتي بعد ذلك مرحلة تنموية ونهضوية جديدة». وأضاف: «الآن تبقت مرحلتا التصويت وإعلان النتيجة»، وزاد: «نريد أن نعطي الدرس الثاني بعد الانتخابات وأنه مهما كانت النتائج والإجراءات المؤلمة والجراحات العميقة نستطيع تجاوزها بسماحة وصبر وقبول»، وأكد دعمه الفني واللوجستي لدولة الجنوب متى طلبت منه. وقال البشير: «ما في زول في هذه الدنيا أولى مننا نحن لتقديم هذا الدعم البعيد ولا القريب ونحن عايزين كل هذه الإجراءات تتم بسلاسة ما في مشكلة مثلما عملنا الانتخابات عايزين الناس في التصويت يشهدوا على أن أي مواطن سواء في الجنوب أو خارج الجنوب أو دول المهجر استطاع وبدون أي عوائق أن يدلي بصوته وسنحيي رغبة المواطن الجنوبي»، وأعرب عن أمله أن تكون النتيجة خيراً وبركة على أهل السودان. واستغرقت زيارة الرئيس إلى جوبا ساعات معدودة، استقبلته خلالها الجماهير الجنوبية التي اصطفت بالآلاف من المطار إلى القصر الجمهوري بجوبا؛ بالترحيب. وفي السياق أكد رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت أنه سيطرد الحركات الدارفورية من جوبا، وقال: «إن البعض كان يقول كيف يزور البشير الجنوب وتبقت للاستفتاء (5) أيام»، وأردف: «من حق البشير أن يزور أي مكان في الجنوب ولو تبقى يوم واحد وحتى بعد الاستفتاء».