{ في نشرتها الاقتصادية، عرضت علينا قناة الجزيرة منذ يومين مشهد العروض التي قدمت لشراء «السيارة التاريخية» للرئيس الإيراني أحمدي نجاد، ربما تندهشون لو علمتم أن مزاد هذه العربة ذات الموديل المتخلف عشرات السنين قد رسى على مبلغ مليون دولار أمريكي ، ما يعادل ثلاثة مليارات جنيه سوداني، ولو عرضت هذه العربة في «مزاد الصحافة» أو حلة كوكو لما تجاوز ثمنها الخمسة آلاف جنيه سوداني، فهذه المليارات لم تدفع مقابل سيارة مجردة، ولكنه ثمن «السيارة التاريخ» ولو عرضت حكومة السودان الآن عربة الزعيم التاريخي الأزهري في مزاد سوداني مفتوح لتدافعت المليارات، الكتف بالكتف والحافر بالحافر، لشراء عربة «الزعيم الأزهري»، لأن الذي يباع في هذه الحالة هو التاريخ ولا شيء غير التاريخ، والتاريخ ليس له ثمن، وإمبراطورية مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية عقدتها المزمنة أنها «إمبراطورية بلا تاريخ»، ولما ذهبت تشيد أعلى قمم معمارية في العالم «أبراج شبه جزيرة مانهاتن التجارية» بنيويورك، هي بالأحرى كانت تسعى لتعويض «خسارة التاريخ» ولما تحطمت هذه الأبراج التجارية في أحداث سبتمبر الشهيرة، أصبحت هذه الامبراطورية «كالثور الهائج» وفقدت عقلها تماماً، ذلك لأن الذي حُطم في تلك «الغزوة القاعدية» هو التاريخ البديل. { فلقد دهشت جداً، والحال هذه، وأنا أزور منذ أيام مركز «SMC» المركز الصحفي السوداني، بموقعه الجديد بشارع الجمهورية بالخرطوم، وهو يحل في إحدى دوائر المهدي التاريخية، ومبعث دهشتي أن هذا الموقع لم يكن مستأجراً، ولكن أحفاد المهدي قد باعوا هذا الموقع «التاريخ» ولم تطرف لهم عين ولم تنزل لهم دمعة ، لم يكتف القوم من أدبيات التخلص من أعباء «الثورة المهدية الجهادية» عبر السنين، والإمام الصادق المهدي يفتأ يذكرنا «بالجهاد المدني» ومناهضة الدولة الدينية، فيستكمل البيع اليوم «لدوائر الثورة»، لا أعرف كم استلم الأحفاد مقابل هذا «التراث الهائل»، لكن الذي أعرفه تماماً ليس هنالك مقابل مجز يوازي سوأة هذه البيعة! وفي المقابل لقد ازداد إعجابي بهذا «المركز الصحفي الوطني» وهو يقرر ألا يجري أي تعديل في هذه «التحفة الأثرية» حتى يحافظ على هذا التاريخ، ليكون العزاء أن التاريخ باق في مكانه، بغض النظر أن تنتقل سدانته وخزائنه وسقياته من آل البيت المهدي، إلى آل بيت آخر يكفلونه وهم له من الحافظين..و..و.. { لم تكمن مقدرة «SMC» في أدب شرائها لهذا التاريخ الباهظ، ولكن لقد تجلت مقدرتها وعبقريتها في الحفاظ على هذا التاريخ، كما ليس هذا هو الإنجاز اليتيم لهذا المركز الصحفي السوداني الذي لم يتجاوز السنوات السبع، فلقد سارت بسمعته الركبان، لدرجة أن يحمِّله السيد لويس أوكامبو «دعيُّ الجنائية الدولية» ومدعيها بأنه وراء حملة تبرئة السيد الرئيس من تلك التهم الجائرة، كما لم ينحصر دوره في توفير مادة إخبارية تقريرية غزيرة يومياً لصحف الداخل، بل قد نقلت عنه كبريات الصحف العالمية ووكالات الأنباء. { لقد نهض المركز الصحفي السوداني من أول يوم بمهنية عالية المعايير والمواصفات أهلته لهذه الصدارة المتقدمة للمراكز وبيوتات الخبرة الإعلامية، وبهذه المناسبة يقول المهندس عبد الرحمن إبراهيم، مدير المركز، بأنهم ذاهبون في المرحلة المقبلة لإنشاء الفضائيات والإذاعات ومراكز التدريب الإعلامية واستخدام اللغات العالمية حتى يتمكن أكثر من إنتاج وإيصال الرسالة الإعلامية الوطنية لكل أنحاء العالم. { هل تصبح «SMC» بمثابة «مركز الأهرام السوداني» على غرار التجربة الإعلامية المصرية التاريخية الناجحة، أتصور، والحال هذه، أن كل مقومات النجاح متوفرة بما في ذلك «التاريخ المشترَى»..و..و وتمتد التحايا والتهانئ لكل العاملين بهذا المركز..