نخصص زاوية اليوم لسلعة السكر، ويحضرني تعليق قديم للصادق الأمين المرحوم محمد عثمان محجوب، وقد كان وقتها وزيراً للتربية والتعليم بولاية النيل الأبيض، وفي إحدى زياراته لمدينة شبشة خاطب المصلين عقب صلاة المغرب ودار نقاش معهم حول الخدمات وقد أخبروه بالمشروعات التي قاموا بها دون أي دعم من الدولة معتمدين على جهود أبنائهم والرسوم التي يضعونها على سلعة السكر، وفي معرض تعليقه على ما قالوه قال لهم (لو كان السكر رجلاً لدخل الجنة). ألا رحم الله محمد عثمان محجوب الذي حكى للشهيد حاج نور تقبله الله وأحسن إليه رؤية منامية رآها (أنه رأى مجموعة من إخوته بينهم الشهيد عبيد ختم وقد أمّهم هو في الصلاة)، ففسر له الشهيد حاج نور الرؤية بأنك يا محمد موعود بدرجة الصديقين وهي مقدمة على درجة الشهادة نزولاً عند الآية الكريمة (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) صدق الله العظيم. ولمعلومية القارئ الكريم أحب أن أشير إلى أنها ذات الآية التي عناها الشيخ عبد الرحيم البرعي رحمه الله وأحسن إليه في مدحة (مصر المؤمنة) في شطر من بيوتها (ونحشر مع أربعة). نعود إلى (السكر) ونبدأ بالعام 1958م وفيه نصطاد أول معلومة تتعلق بالسكر واستهلاك البلاد منه في العام، وقد بلغ ذلك (114) ألف طن بما قيمته ستة ملايين جنيه إسترليني، ولم يكن وقتها بالبلاد أي مصنع للسكر بالرغم من توفر البيئة المثالية لزراعته في بلادنا ولم يتم ذلك إلا في العام 1962م بتحويل مشروع الجنيد من زراعة القطن إلى زراعة السكر بطاقة إنتاجية بلغت (60) ألف طن وتلاه مصنع حلفاالجديدة في العام 1965م وسنار في العام 1979م وعسلاية في العام 1981م وكنانة في العام 1981م ليصل السودان بإنتاجيته إلى (675) ألف طن في العام 2010م، أما الاستهلاك الذي بدأ ب(114) ألف طن سنة 1958م فإنه وصل في العام 2010م إلى مليون ومائة خمسة وعشرين ألف طن. النقص الذي يتوجب على الدولة استيراده لسد الفجوة يقدر ب(450) ألف طن ويحتاج من العملات الأجنبية إلى (323) مليون دولار لتوريده بحسبان أن سعر الطن العالمي (717) دولاراً وإزاء هذه المشكلات هل للدولة خطط للخروج من نفق الاستيراد على حساب احتياطي البلاد من العملات الأجنبية في ظل أنشطة اقتصادية هدّامة تعمل على تهريب كميات من السكر المنتج ببلادنا إلى دول الجوار لارتفاع أسعاره بها حيث يباع الجوال زنة (50) كيلو في تشاد ب (80) دولاراً وسعره بالبلاد في حدود (47) دولاراً بفضل دعم الدولة لسلعة السكر مما يغري المهربين بتهريبه. شرعت الدولة في إنفاذ خطط تصل بالإنتاج في العام 2013م تتابعاً إلى مليون وخمسمائة وعشرين ألف طن في مقابل مليون وثلاثمائة وخمسين ألف طن سيصل إليها الاستهلاك في ذات العام بزيادة (170) ألف طن يمكن أن تصدر وتعود علينا بعملات أجنبية وفي ذات الوقت نحتفظ بتلك العملات التي كنا ندفع بها إلى الخارج لاستيراد السكر. في الساعة الحادية عشرة من يوم 11/11/2011م سيدخل مصنع النيل الأبيض دائرة الإنتاج ب(300) ألف طن وسيعقب ذلك دخول مصنع النيل الأزرق ب(120) ألف طن ومشاريع أخرى في حداف ود الفضل ومشكور والحرقة نور الدين التي ستضيف (200) ألف طن... ونواصل