{ قد نكون أكثر الشعوب العربية إحساساً بنشوة الشعب التونسي الذي انتفض عن بكرة أبيه ليزيح عن كاهله دكتاتوراً ظن أن طول جلوسه على الكرسي قد أصاب شعبه بالنعاس فتثاءب البعض ونام البعض مطلقين (شخير) الاستكانة والخنوع. وإحساسنا العارم والصادق بمشاعر الأشقاء التوانسة مردّه إلى أننا قد دغدغنا ذات الإحساس وغمرتنا ذات النشوة في انتفاضتين هما صنيعة شعبية سودانية خالصة؛ الأولى كانت أكتوبر 64 والثانية أبريل 86 من القرن الماضي وبالتالي نحن نمتلك الريادة والأسبقية في تعليم الشعوب كيف تنتصر لإرادتها الحرة وخيارها الديمقراطي. وهذه الريادة تجعلنا بمنأى عن التقليد الذي هو وليد الإعجاب بالفعل وردة الفعل. وتفسير الجملة الأخيرة أقصد به أننا لسنا في حاجة إلى أن نأخذ المثل والقدوة من الشعب التونسي للانتفاضة على الحكومة لأنه لدينا معطياتنا وفرضياتنا التي تخصنا وتحدد ملامحنا والشعب السوداني وحده من يحدد هذه المعطيات والفرضيات دون وصاية أو محاولة (إركابه الموجة) لمصالح لا تخدم إلا مصالح هي بعيدة عن مصالحه! العايزة أقوله إننا نمر بمرحلة انتقالية صعبة ما بعد انفصال الجنوب وهذه الصعوبة تحتم على الحكومة وعلى المؤتمر الوطني أن يقلل أو لنقل يوقف التصريحات الاستفزازية للقوى المعارضة وهي على فكرة أي القوى المعارضة لم تعد ذات تأثير كبير على قطاعات الشعب السوداني وذلك لأن الناس الزمان ما عادوا أولئك الذين يدينون بالولاء لأحزاب وبيوتات بعينها وجيل عريض من الشباب كدي أحسبوا عمره من 86 لحدي هسه شوفو كم؟ ولكم أن تقيسوا على ذلك المتغيرات السياسية والاجتماعية وحتى الأيدولوجية التي أضافت إليه وجعلته (غير) عن أجيال سبقته عمراً وتجربة. ولذلك فإن الدعوة التي تطلقها القوى المعارضة للتشبُّه بانتفاضة التونسية هي دعوة لن تجد القبول بالشكل الواسع الذي تنتظره، مش عشان كل الناس بتحب المؤتمر الوطني وبتتغزل فيه أو لأن الحكومة (منوِّمانا بالعسل ومصحيانا باللبن) ولكن لأن هذه الأحزاب نفسها التي ترفع شعار تداول السلطة تفتقر هي لهذه الأطروحة؛ إذ أنها ظلت بسلطات وقيادات تقليدية لم تتغير ولم تتبدل ونحن مجرِّبينها وغير محتاجين أن نكون حقل تجارب لفشل ذقنا مراراته من قبل. لذلك فإن الشعب السوداني المعلم الذي يمنح الشعوب كل صباح درساً جديداً ويكفي ردة فعله ذاك المساء حينما أعلن أوكامبو وعواجيزه تهمه الباطلة في حق البشير فخرجت الجموع بعفوية ودون تحريض أو إملاء لتأييده وحمايته والدفاع عنه كرمز سوداني ما بنقبل ينداس ليه على طرف، ولو أننا لسنا بهذه الأخلاق المتفردة لربما جعلها البعض يومها سبيلاً للمزايدة أو اتخذها نقطة هشة في جسد الحكومة لتسديد الضربة القاضية لها!! لذا على المعارضة أن تكون حريصة على استقرار البيت السوداني وأن تعمل على ترتيب قواعدها وتنظيمها وتستعد لجولة قادمة من الانتخابات، وهي ما بعيدة، تقنعنا فيها بقياداتها وبرامجها وأطروحاتها ليكون صندوق الاقتراع هو الفيصل، وبالمقابل على المؤتمر الوطني ومنسوبيه أن يجعلوا من الفترة القادمة جولة الفرصة الأخيرة ليقدموا للشعب السوداني حكماً نزيهاً متفرداً دون فساد ودون إقصاء ودون إسكات لصوت عالياً كان أو خفيضاً وبعدها الشعب السوداني سيقرر من يحكمه بمظهر ديمقراطي يليق بنا كشعب معلم للشعوب. أما المظاهرات والعصيان والبلبلة فما هي إلا (خطئية) ستعود بنا عشرات السنوات إلى الخلف ونكون ما عملنا حاجة. كلمة عزيزة { عند أهلي الشايقية مثل شائع يطلقونه وقت أن تحل مشكلة عويصة على أحد فيعلن عجزه وتظهر عليه تبعات هذه المشكلة، والمثل يقول (أُمّ الحسين وبركت)، بمعنى أنها بركت وعجزت، والمثل مناسب أن نقوله إن صح أن الجنرال حسن فضل المولى في طريقه إلى الابتعاد عن النيل الأزرق لأنه بالجد حتى تكون فضائية المفاجآت (كأُم الحسين وبركت). كلمة أعز { غداً أحدثكم بماذا حدثني السيد مدير مطار الخرطوم السيد صلاح يوسف عمار عن بصات المطار.