{ لا نعرف حتى الآن الاسم الذي سوف يختاره الجنوبيون لدولتهم الجديدة، السودان الجنوبي أم الأماتونج أم كوش. ومن حقهم طبعاً أن يختاروا الاسم الذي يريدونه. { وفي نفس الوقت من المهم جداً أن نعيد ونكرر أنه لا علاقة لهم من كافة النواحي ب(كوش) التي كانت دولة وحضارة نوبية. وكان النوبيون ولا يزالون شماليين صميمين وهم بالعربي الواضح رغم أنهم إثنياً ليسوا عرباً أولئك المقيمون في الشمال الأقصى، أي المحس والسكوت والكنوز والدناقلة والحلفاويون. { إن كوش هي بعض جذورهم، وهي تراثهم وحضارتهم وتاريخهم وليست لها أية علاقة بالجنوب والجنوبيين. وثمَّة رواية بأن النوبة في كردفان الجنوبية من هذا التراث وهذه الحضارة وهذا التاريخ لكنهم أي هؤلاء النوبة الكردفانيين كانوا ولا يزالون من صميم الشمال الجغرافي. { نعم، مهم جداً أن يعرف الجنوبيون أنه لم تكن لهم أية علاقة بكوش، ولقد اخترعوا هذه العلاقة أيام الدكتور جون قرنق وطموحاته الشاسعة مستغلين إصرار القوى السياسية الشمالية المؤثرة بأن تاريخ السودان بدأ بعد دخول العرب إليه وبعد أن أصبحت الدولة مسلمة مع قيام السلطنة الزرقاء عام 1504م ثم الدولة المهدية عام 1885م. { إن كوش (حقتنا)، نحن السودانيين الشماليين، ولا علاقة لها أبداً بالجنوب والجنوبيين ولم تكن قط وصمةً في تاريخنا، لكنها كانت محطة بارزة وعلامة مضيئة ومرحلة مفعمة بالعطاء وبالإسهام الحضاري من عمرنا الوطني الذي بدأ من الأزل. { لقد استغلت الحركة الشعبية استخفافنا بتاريخ البلد قبل الإسلام وعدم اكتراثنا به لتزعم أنها هي الأصل، وأن كل ما كان قائماً قبل الإسلام هو تراثها وجذورها وحضارتها وتاريخها. { ولم يكن ذلك صحيحاً، والصحيح هو أننا نحن الشماليين في الشمال والشرق والوسط وفي كردفان ودارفور وفي جبال النوبة والأنقسنا، أقمنا في هذا الوطن منذ الأزل، منذ فجر التاريخ كما قلنا وقبل أن يدخله الإسلام وقبل أن تدخله المسيحية، وأقمنا فوق ترابه المقدس دولاً وحضارات تُذكر مع تلك الدول والحضارات التي نشأت في الزمن القديم. { ولقد أتى علينا زمن هنا في السودان الشمالي أصبحنا فيه مسيحيين ثم اعتنقنا الإسلام وكان لافتاً أننا لم نعتنقه بحد السيف. { أردنا أن نقول إنه ليس في الانتماء إلى كوش ما يعيب فهي (حقتنا) ظاهراً وباطناً ولا علاقة لها أبداً بالجنوب ولا بالجنوبيين ولكننا لا نستطيع أن نمنعهم من أن يسمّوا دولتهم «كوش» لكن إصرارهم على هذا الاسم يعني أن الشمال القديم وطن جاذب!! وقال لي صاحبي: ليس مهماً أن يكون الشمال القديم وطناً جاذباً وإنما المهم أن يكون الشمال الحالي وطناً جاذباً..!!