أعلن نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه اعتراف الدولة بنتيجة الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب المعلنة أمس الأول بانتظار اعتماد مؤسسة الرئاسة للنتيجة النهائية عقب الفراغ من مرحلة الطعون، وجدد التزام رئيس الجمهورية بالتعاون الكامل مع دولة الجنوب. وأكد رفض الحكومة لتفكيك مؤسسات الدولة القائمة واعتبرها مؤسسات دستورية وليست انتقالية، ودعا إلى فتح الحوار مع كافة مكونات الشعب السوداني السياسية لبناء الجمهورية السودانية الجديدة في أعقاب انتهاء الفترة الانتقالية وإعلان الانفصال رسمياً، معتبراً أن الشمال يدخل مرحلة ما سماها «الجمهورية الثانية» وقال إن الحوار الحكومي والحزبي مع المعارضة لن يكون نشاطاً تهويمياً ونظرياً بقدر ما أنه حوار إستراتيجي لبناء الدولة، على حد تعبيره، وتمسك طه في مؤتمر صحافي عقده أمس (الاثنين) بقاعة الصداقة بالخرطوم «حول الراهن السياسي» باستمرار العمل بالدستور الحالي إلى حين تصفية تركة الدولة الواحدة والاتفاق مع القوى السياسية على تعديله أو إجازة دستور جديد، مشدداً على رفض الحكومة تسمية مؤسساتها بغير الشرعية، لكنه أشار إلى رغبتها في سماع وجهات نظر القوى السياسية لتقديم بدائل ونصائح لضبط مؤسسات الحكم القائمة، ورحب بقيام المؤتمر الدستوري الذي دعت إليه المعارضة، لكنه اشترط قيامه على الرغبة في بناء الدولة السودانية الجديدة، وألمح إلى إمكانية إدخال تعديلات على هيكل الحكم، وقطع بتجديد قيادات الدولة في المرحلة المقبلة لمنع احتكار المواقع القيادية لوجوه بعينها. وأكد طه تمسك الحكومة بالنظام الرئاسي والحكم الفيدرالي، وقطع بعدم العودة إلى انتخابات جديدة وتفكيك مؤسسات الدولة الحالية، ودعا طه إلى ممارسة الحريات وفقاً للقانون، وقال إنه ليست هناك حرية مطلقة، وأكد عدم خشية الحكومة من إتاحة الحريات، وأضاف «إن النظام الذي يخشى ممارسة الحرية لا مستقبل له ونحن مع الحريات وضد التضييق على المواطنين والنظام الذي يضيق على مواطنيه يدفعهم إلى الانفجار» مستشهداً بتصديق السلطات لحزب الأمة القومي لإقامة حشد جماهيري خارج داره خلال الأيام الفائتة، منادياً بضرورة الالتزام بالقانون في ممارسة الحريات، ووجدد طه قبول الحكومة بنتيجة الاستفتاء، وامتدح ما سماه قبول الشعب السوداني لها، وقال إن الشعب تعامل معها بمقتضاها السياسي، وقال «الشعب السوداني أثبت أنه شعب سياسي بدرجة امتياز وهذه خصيصة ايجابية»، وكشف عن جهود الشريكين لتصفية الوجود العسكري من القوات المشتركة والحركة الشعبية في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان قبل نهاية الفترة الانتقالية، وأكد التزام الحكومة بفك الارتباط للعاملين بالخدمة المدنية من الجنوبيين بشكل حضاري دون تصفية حسابات، على حد قوله، وأقر نائب الرئيس بأن الدولة أنفقت على الأمن كأولوية خلال الفترة الماضية، مبيناً أن الأمن هو أساس الاستقرار والتنمية. في سياق منفصل أكد طه عدم رغبة الحكومة في الرجوع عن سياسة التحرير الاقتصادي، لكنه أشار إلى تدخل الدولة في توفير السلع الأساسية مثل الدقيق والسكر والزيوت بأسعارها الحقيقية بغرض تخفيف أعباء المعيشة عن المواطن، وأكد مضي الحكومة في محاربة الاحتكار والتخزين وقال إن أجهزة الدولة الرقابية ستكون عيناً ساهرة على متابعة وصول هذه السلع وتوفيرها للمواطن، وكشف أن الدولة الآن في وضع مالي جيد يمكنها من توفير موارد مالية لزيادة الإنتاج والإنتاجية في القطاع الزراعي للموسم الصيفي المقبل، وأكد نائب الرئيس حرص الحكومة على تحسين الدعومات الاجتماعية للطلاب والمعاشيين والفقراء والمساكين مشيراً إلى المشروعات التي قامت بها الحكومة مؤخراً في استيعاب أعداد مقدرة من الخريجين في ديوان الدولة بجانب إدخالهم في مشروعات البيوت المحمية والحاضنات الزراعية والهندسية لجهة الاستفادة من قدراتهم في مجالات الحياة العامة، وكشف عن توفير (75) ألف فرصة عمل في ديوان الخدمة العامة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، غير أنه إشار إلى أن الهدف من تخريج الآلاف من الشباب في الجامعات السودانية ليس دفعهم للديوان الحكومي، بل لإيجاد فرص في قطاعات إنتاجية أو توفير فرص عمل في القطاع الخاص ودول الإقليم. وفي ما يتصل بالجنسية المزدوجة أكد طه أن المؤتمر الوطني والحركة اتفقا على إسقاط هذا المقترح مع إتاحة فرصة زمنية لتوفيق أوضاع المواطنين الجنوبيين المقيمين أو الشماليين المقيمين بالجنوب، كما طمأن على حل قضية أبيي وبقية القضايا العالقة خلال الفترة الانتقالية.