نقص الغذاء الذي يعاني منه العالم الآن بما فيه السودان جعل الأسعار العالمية في حالة ارتفاع مستمر.. فالقمح ارتفعت أسعاره وذلك بسبب خروج عدد من الدول المنتجة من دائرة الإنتاج.. فالندرة تخلق قلة المعروض وتنامي الطلب يرفع الأسعار.. هذا ما حدث بالفعل لسلعة القمح التي تعتبر من السلع الإستراتيجية المهمة لكونها ذات ارتباط مباشر بالاستهلاك اليومي.. فالخبز يتم توفيره من القمح والقمح - كما قال وزير المالية - ليس (للقراصة) فقط وإنما يدخل في عدد كبير من أنواع الغذاء، كما أن هنالك طلبا كبيرا عليه فولاية الخرطوم مثلاً تستهلك يومياً (30) مليون (رغيفة) لذا فحتى وإن توسعنا في المساحة المزروعة بالقمح ووصلت الموسم القادم إلى أكثر من (700) ألف فدان فإن ذلك لا يغطي حجم الاستهلاك إذ أن الإنتاج الحالي (250) ألف طن والمستورد مليون طن بمعنى أن حجم الاستهلاك يقدر من القمح بمليون و(250) ألف طن. أيضاً هنالك اتفاق قد تم وأسعار تركيزية قد تم إعلانها بأن يكون السعر التركيزي للقمح الموسم الجاري (100) جنيه للجوال.. هذه الأسعار تم الإعلان عنها قبل 9 أشهر.. فالآن حدثت متغيرات عالمية حيث ارتفعت أسعار القمح عالياً.. فالارتفاع العالمي انعكس على الأسعار المحلية ليصل سعر جوال القمح الآن (180) جنيهاً ورئيس اتحاد مزارعي السودان صلاح المرضي يؤكد في تصريحه ل(الأهرام اليوم) إن المزارعين غير ملزمين بتوريد القمح للبنك الزراعي والمصارف الأخرى الممولة للسلعة بسعر التركيز (100) جنيه في ظل تنامي أسعاره التي وصلت (180) جنيهاً للجوال، وأضاف يحق للمزارعين بيعه في السوق الحر وسداد تكلفة التمويل للجهات الممولة نقداً، وأضاف (لا يحق للجهات الحمولة لمنتجي القمح أن تلزمهم بتوريد المحصول. (انتهى) نعم من حق المنتجين أن يبيعوا إنتاجهم في السوق الحر طالما أن هنالك ارتفاعا في الأسعار بفارق (80) جنيهاً عن السعر المعلن تركيزياً. إلا أن وزير الزراعة د. عبد الحليم إسماعيل المتعافي كان قد أكد إبان إعلانه الأسعار التركيزية للقمح بأنهم ملتزمون ب(100) جنيه للجوال واذا تجاوزت الأسعار ال(100) جنيه فإن ذلك سيكون من حظ المزارع ولن نتدخل وإذا هبطت الأسعار سنتدخل للحماية، كما نعلن عن التزامنا باستلام كل القمح المنتج ب(100) ثم يسوّق للمطاحن المختلفة. الآن الوضع اختلف سيدي وزير الزراعة وكما قلت فإن ذلك من حظ المزارع ولكن من يحمي المستهلك من لهيب الأسعار.. فالمزارع محظوظ لأن الأسعار ارتفعت ووصلت (180) ولكن هذه الأسعار ستؤثر على المستهلك وتزيد من فاتورته.. فالمسائل مرتبط ببعضها البعض. ففي الوقت الذي نسعى فيه لتخفيف أعباء المعيشة على المواطن يرتفع القمح ويفرح جداً المنتج ويضيع المستهلك.. إذن من يحل هذه الإشكالية ويخرج لنا بصورة (حلوة) ترضي طموحات المنتج والمستهلك؟ فهل يعقل مثلاً أن نشتري الجوال قبل الطحين ب(180) جنيهاً وأكيد أن المطاحن سترفع من فاتورتها في ظل الارتفاع العالمي للأسعار و«أنا» على يقين تام بأن المزارعين سيتحمسون الموسم القادم في التوسع في زراعة القمح والقطن حيث الأسعار مرتفعة عالمياً ليتفاجأ الجميع بهبوط الأسعار الآن أسعار القطن مرتفعة عالمياً ولكن للأسف الشديد لم نزرع في مشروع عملاق كالجزيرة سوى (38) ألف فدان.. هذه مساحة مخجلة جداً جداً في مشروع مساحته (2.2) مليون فدان.. ألم أقل لكم إن السياسات هي التي أقعدت بالزراعة وجعلت المشاريع الكبرى تتجه إلى زراعة محاصيل (لا تسمن ولا تغني من جوع) ولا حتى تأتي بالفائدة المرجوة لدولة السودان حيث كان من المفترض أن نغذي العالم نحن ونستفد من الحرائق التي ضربت الإنتاج في روسيا وكندا.. ولكن للأسف الشديد رغم الإعلان عن زراعة (430) ألف فدان قمح بالجزيرة، التي أعلنها د. المتعافي، الآن الجزيرة زرعت فقط (210) آلاف فدان لنتربع على قائمة الاستيراد وتغطية الاستهلاك حيث الإنتاج الحالي لا يغطي كما قلنا سوى 16% فقط من الاستهلاك.. إذاً من يفيدنا ويخرجنا من هذا النفق المظلم؟!