انتشر استخدام الحاسوب وتجاوز قاعات الجامعات ودور العلم الاخرى والمؤسسات الحكومة، ولم يقف عند ما يسمى بالنت كافيه، وانما اجتاز ابواب المنازل وبات يشغل حيزا داخل الحوش، وبات الشباب على مدار ساعات طويلة يتجاذبون الاخبار عبر غرف الشات في احاديث بعضها ذو جدوى وغالبيته رث لا يقدم ولا يؤخر. «الصحافة» وقفت مع عدد من الشباب الذين ارتبطوا بالنت ممن يمكن ان نطلق عليهم شباب الدوت كوم، وهم شريحة من طلاب الجامعات.. وكان السؤال عن الطيب صالح؟وجاءت المفاجأة أن معظم من استطلعناهم لا يعرفون الطيب صالح الروائي السوداني العظيم، غير انهم ملمون بعوالم الانترنت ويمضون الساعات في الشات على المواقع الاجتماعية مثل تويتر والفيس بوك والمسنجر في جلسات قسرية الى عوالم افتراضية، فيدفعون الكثير من احلامهم مقابل الحصول على تأشيرة دخول لها علها تريحهم من رهق الواقع المرير. اسامة عبد اللطيف مساعد تدريس مازال يتلمس طريقه.. التقينا به لنعرف رأيه في الانطباع السائد عن سطحية هذا الجيل، فقال: عندما تقرأ عن الشباب ينتابك اليأس احيانا، فاغلبهم في ازمة مستعصية، ومتهمون بالكسل والجهل والادمان والانحلال، وخذلتهم نظم التعليم وافسدتهم تربية الآباء ولا مبالاة الحكومة والمجتمع، ففقدوا الاتجاه ولم يعد امامهم من تسلية غير التلفزيون ومتابعة آخر صيحات الموضة، ومن بقي منهم انحرف الى طريق التعصب والتطرف في التشجيع الكروي، ولكن اسامة يؤكد أنك اذا اقتربت منهم وتعرفت عليهم سيغلبك التفاؤل و?صبحون مصدر فخرك واعجابك، فهم اذكياء يتعاملون مع احدث تكنولوجيا، وهم افضل تعليماً من الأجيال السابقة، واكثر اقداماً وطموحاً واصلب عودا وقدرة على المواجهة والتحدي، وقادرون على انجاز ما لم ينجزه آباؤهم. وينفي اسامة وصمة السطحية عن جيل الدوت كوم، ولكنه يلقي باللوم على الانظمة المتعاقبة على حكم البلاد لإهمالها الدائم لقطاع الشباب. وعلى عكس الدفوعات التى قدمها أسامة عن هذا الجيل جاءت آراء الشباب، حيث قالت رؤى الفاتح وهي طالبة بكلية القانون.. وقد دخلت القانون عن رغبة لتصبح محامية مشهورة يشار لها بالبنان، وهي الآن على اعتاب التخرج وتشعر بالاحباط بسبب كثرة حكايات الخريجين وصعوبة الحصول على وظيفة، كما اصبح اجتياز امتحان المعادلة هاجسا لخريجي القانون. وعن اهتماماتها تقول رؤى إنها تحب الاستماع للأغاني العربية ومطربها هو كاظم الساهر تحديداً، ورؤى لا تحب الاغاني السودانية، ولكن لا بأس بفرفور ونادر، وتؤكد رؤى انها لا تحب القراءة، ولا تذكر آخر?مرة أمسكت فيها كتاباً. وزميلتها اشراقة اسماعيل ايضا تخاف من المستقبل، حيث قالت انها تقضي معظم وقتها في التسوق، وقد يستغرق البحث عن طرحة تناسب بلوزة معينة اكثر من يومين، اما إنصاف متوكل الموظفة بإحدى الشركات الخاصة فقد قالت إن الوظيفة ليست بمستوى طموحها، ولكن هذا حال السودان الذي تسيطر عليه المحسوبية. وعن اهتماماتها قالت إنصاف انها تقرأ العناوين الرئيسية بالصحف اليومية لمعرفة ما يدور حولها بحكم انها تأتي يوميا الى المكتب، وكالعادة لا جديد فيها علي حد قولها، وللابتوب نصيبه في خريطة برنامجها. سلمى بابكر أستاذة لغة إنجليزية تحدثت الينا قائلة انها حاولت القيام بمشاريع صغيرة في المدرسة وفي الحي ولكنها فشلت. وتضيف سلمى أن السودان في حاجة فعلية الى شبابه، غير انه لا يهتم بهم، بل تمارس عليهم سلطة الكبت وعدم توفر الامكانات، وبعضهم يضع العراقيل في طريقهم، حتى أصيبوا بالإحباط واليأس، وهذا ما تعيشه كل أسرة بها شباب، وذلك ما يشاهده في اخوته الذين يقضون معظم وقتهم بين اللابتوب وأسفل عمود النور!!. خالد وأسامة وصفوت وأنور شباب اقتربنا منهم وهم جلوس في انتظار بداية الركن «حلقة النقاش» بجامعة الخرطوم .. وعللوا حرصهم على حضور اركان النقاش بانتظام لأنها تعكس الحراك السياسي الذي يدور في الخارج، وانه لا بد من معرفة الموقف السياسي وما يدور حولهم. وقال صفوت: ارفض اتهام جيلنا بالسطحية، بل على العكس، فهذا الجيل اعمق فكريا الى حد بعيد من الاجيال السابقة، لأنه جاء في زمن التكنولوجيا والانترنت.