{ طالما أن هناك غبنا وهناك ظلم أو عدم تساوٍ في الحقوق، أو حتى منحها، فإنه وعلى طول الخط ستكون هناك ثورات واحتجاجات على الأنظمة بمسؤوليها ومسؤولاتها، وإن كنا قد تعودنا أن تنفجر الثورات في وجه الزعماء والرؤساء باعتبار أنهم في أعلى هرم الدولة، فإن هؤلاء قد نعتبرهم ملائكة بوجود موظفين ومسؤولين على المستوى الإداري والتنفيذي هم قمة في (الفرعنة) وهضم حقوق الناس، بدليل أنه وبعد سقوط النظام المصري ظهرت بلاوي لمن هم ممسكون بسلطات ووظائف لها علاقة بمصلحة الناس المباشرة. وربما أن الظلم أحياناً وبقدر ما أنه يولد الانفعال والغضب، فهو أحياناً يولد الحسرة والألم، ولا يجد صاحبه إلا أن يرفع يديه نحو السماء حيث العدل اللامتناهي وإحقاق الحق دون واسطة أو وسيط. ودعوني أحكي لكم نموذجين لما قد يقابله الشخص العادي، أو لنقل المواطن، فيشعر أنه غريب ديار وغريب أهل، والقصة لقريب لي ومعرفة أعتز بها، وهو من سكان حلفاية الملوك لما يقارب الأربعين عاماً، ورغم الخطط السكنية المتلاحقة بالمدينة إلا أنه لم يمنح فيها قطعة أرض هي حقه المشروع بالمواطنة والوجود. وحدثني صاحب القصة أنه قد توجه بمظلمته إلى المدير العام للأراضي مولانا عصام الدين الذي أوصى له بأن يمنح قطعة أرض في المتاح، لكنه للأسف الشديد اصطدم بعنجهية موظف وضع له (العصا في العجلات) كما يقولون، وقال له: ما عندنا متاح في الخطة، لتروح توصية المدير العام الذي هو مؤكد أدرى بالمتاح إن كان موجوداً أو لا، تروح توصيته «شمار في مرقة» بسبب ديكتاتور صغير ربما يستحق أن يسقط كما سقطت أنظمة الاستبداد. على فكرة هناك نوعية من الموظفين الفاعلين ظلوا في وظائفهم حتى نسيناهم متنقلين من نظام إلى نظام، ولا أدري متى سيتيح أمثال هؤلاء الفرصة للشباب حتى يمنحوا العمل العام الحركة والنشاط والحيوية؟ والقصة الثانية أكثر إيلاماً من الأولى، حيث حدثني أخ عزيز هو رجل مبدع وخلاق، حدثني كيف أن حقه الأدبي مهضوم في الجهة التي يعمل عندها، وعندما طالبته بالثورة والاحتجاج قال لي إنه يخشى أن ينقطع أحد مصادر رزقه الذي يؤمن له إيجار منزله، رغم أنه مقتنع ونحن أيضاً بأنه مظلوم ظلم الحسن والحسين. وعلى هذا القياس تنداح الحكاوى لعدد مهول من الدكتاتوريين الصغار الذين ينبغي أن نثور عليهم ونطالبهم بالرحيل، لأن من عندهم تبدأ الغبائن والشعور بالألم والظلم! { كلمة عزيزة حتى وقت قريب جداً كنت أتخيل عن (الحذاء) أنه واحد من مكملات الأناقة، غير أنه يحفظ القدم الحافي، ولعلها وحتى اليوم واحدة من هواياتي أن اقتني أشيك الأحذية، وأشيك دي ليس بالضرورة أن تكون أغلى وياما ضاعت الأناقة بسبب التباهي بارتفاع الأسعار، المهم أنني كنت أعتقد أن الحذاء غاية مهامه أن يكون (للقشرة) وبس، إلى أن اكتشفت أنه سلاح خطير جداً جداً جداً حسياً ومعنوياً، بدليل أن الصحفي العراقي الزيدي عندما أراد أن يفش غبينته في بوش ضربه بالحذاء فجمع بين الألم الحسي والمعنوي، وعندما أراد الثوار أن يعبروا عن رأيهم في خطاب الرئيس المخلوع مبارك الأخير رفعوا أحذيتهم عالياً أثناء توجهه إليهم بالحديث. وأول أمبارح (خبت) الجمهور الليبي بأحذيته الشاشات العملاقة في الوقت الذي كان يتحدث فيه ابن القذافي، ثم أعادوا الكرّة في خطاب والده، لكن هذه المرة كثر عدد (الأحذية). وعلى فكرة الحذاء سلاح خطير باعتبار أن بإمكانه الوصول بسرعة إلى الاتجاه الذي يقذف نحوه، وقد يسبب أضرارا أخطر من فلقة الحجر، فهل يمكن أن يأتي اليوم الذي يرتفع فيه سعر الأحذية ليس قياساً على متانتها أو جودتها أو ألوانها ولكن إلى المدى الذي يمكن أن تصل إليه؟! { كلمة أعز كعادتها أبهرت الحضور بالطلة والغناء وندى القلعة تحيي الليلة ما قبل الأخيرة في أماسي أم در. أحترم في ندى حبها للسودان ولتراثه وترابه، وصدقها وهي تغني له (والمحفضة مبالغة يا ندى).