قال الله تعالى: «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم» صدق الله العظيم. ختان الإناث هو أحد الطقوس التقليدية التي تعد للفتاة لتكون امرأة، ويتفاوت سن الختان ما بين ثقافة وأخرى، ففي بعض الثقافات تختن الفتيات في بواكير الطفولة، بينما تتأخر طقوس الختان في ثقافات أخرى حتى تبلغ الفتاة سن الزواج، أي بين الرابعة عشر والسادسة عشر تقريباً، ويجري الختان للفتيات في سن يمكن توعيتهن بالدور الاجتماعي المنتظر منهن كنساء. وقد نسبه بعض المؤرخين للفراعنة، وقيل إن القبائل عندما كان رجالها يسافرون لمدة طويلة يؤكدون أن نساءهم يجب أن تحفظ بقتل الأجزاء الحساسة فيها، وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية (1997م) تعريفاً للختان بأنه يشمل كل الأساليب التي تؤدي إلى الإزالة الجزئية أو الكاملة للتركيبات التناسيلة الخارجية للأنثى لأسباب ثقافية وغير علاجية. أثبتت إحصائيات السودان الديموغرافية أن معدل الختان يبلغ في الريف والحضر نسبة عالية وقد وصلت معدلاته إلى أكثر من 70%، كما أن هنالك نسبة عالية في معدلات الختان غير المرئية، وقد اكتسبت هذه العادة من خلال التأقلم الاجتماعي السالب. إن ما نشير إليه في ارتفاع هذه النسبة يدل دلالة واضحة على عدم التوعية والتصدي لمحاربة هذه العادة التي تغلغلت في النفوس بالرغم من وعي أفراد المجتمع بخطورة هذه الظاهرة. ورأي الدين أن الخفاض ليس بفرض ولا واجب ولا سنة، وإنما هو أمر يخضع للمصلحة العامة خاصة وأن الطب قد أثبت خطورته على حياة المرأة. { أمريكا تساعد في محاربة الختان منحت مؤسسة «جون دي وكاثرن ماكاثر» بأمريكا جائزة قيمتها (500) ألف دولار للطبيبة السودانية نوال نور التي افتتحت عيادة لعلاج النساء المهاجرات واللاجئات بالولايات المتحدة اللائي خضعن لعمليات ختان من دولهن بأفريقيا. والعيادة افتتحت في بوسطن بولاية ماساشوست وهي العيادة الأولى من نوعها في هذا المجال ويزورها أكبر عدد من النساء لتلقي العلاج وهي واحدة من (11) شخصاً فازوا بجائزة مماثلة تمنحها أمريكا سنوياً. { محاربة الختان عن طريق الدراما تبذل المنظمات الوطنية والدولية العديد من المجهودات للقضاء على عادة ختان الإناث لما له من آثار ومضاعفات صحية واجتماعية واقتصادية تنعكس سلباً على تنمية المرأة والمجتمع، وامتداداً لهذه الجهود تقوم جمعية بابكر بدري العلمية للدراسات النسوية بتكثيف الحملة واستمراريتها منذ فترة وإلى الآن. حيث استعانت فيه بالمتخصصين في مجال الدراما لاستخدامها كوسيلة لعلاج الظاهرة وأهمها الكرنفال الذي أقامته الجمعية احتفالاً بيوبيلها الفضي، وكان قد خُصص الاحتفال لمحاربة ختان الإناث ومازالت تواصل مجهوداتها إلى الآن بالتركيز على العروض الدرامية المتغيرة، وقد شاركت مجموعة «كافا» بعروض مسرحية. كما قامت الجمعية بطباعة مسرحية لمحاربة الختان، تأليف مصطفى أحمد الخليفة، كما قدمت في كلية الأحفاد الجامعية، وطرحت أفكار لتقديم أعمال مسرحية أخرى. كما قدم الناقد المسرحي المبدع الأستاذ السر السيد مقترحاً لتنفيذ حملة إعلامية للقضاء على ختان الإناث في إطار تسخير الإعلام ليقوم بدوره في نشر رسالات تهدف إلى تغيير نمط الحياة ومحاربة الموروثات الضارة بتقديم مقترح مشروع المسرح المتنقل وهو مشروع يقوم على فكرة المسرح الفقير وهو تيار مسرحي ساهم في مناهضة الكثير من الظواهر التي تعوق الإنسان، ثم إنتاج مسرحيات قصيرة واسكتشات والتنقل بها من مكان لآخر وتقديمها بأكثر من لغة وفقاً للجمهور المستهدف. وفي مجال التلفزيون، إنتاج فيلم تلفزيوني وثائقي، ثم إنتاج دراما قصيرة، ثم إنتاج رسائل تلفزيونية درامية قصيرة. { دراما طقوسية الشعقيبة: هي عادة قديمة تنتشر وسط الفتيات عندما تكون هنالك مناسبة ختان لإحداهن، وهي جمع عدد من الاكسسوارات الثمينة من الخرز والفضة والذهب، ثم وضعها في طبق من السعف ويتجولن بها في الحي باستخدام الارتجال التمثيلي لجذب المارة، ثم مطالبتهم بدفع النقود بإلقائها في الطبق، وعند جمع مبلغ من المال يقتسمنه مع المختونة في سعادة بالغة. العادة: هي مزحة يقوم بها الأطفال من الفتيان، وهي سرقة أشياء خاصة بالكبار وذات أهمية كبرى بالنسبة لهم، تقوم الفتيات بتلميحات ليعلم المعنيون بالأمر، فيتفقدون حاجياتهم فتعترف الفتيات بالسرقة والاستيلاء على الأشياء وإرجاعها مقابل مبلغ من المال بفرحة يقابلها الجميع، فيصرخ الجميع (العادة.. العادة) ثم يذهبن إلى بيت الطهور الذي توجد فيه المختونة، ويستلم فيه ذوو الممتلكات حاجياتهم بمقايضتهم بالنقود وسط ضحك وفرح الجميع، فتسلم المختونة الحصة الكبرى ويقتسم بقية الأفراد المبلغ المتبقي. في مقتطف من رواية «الجسر» استهلمت فيه الأستاذة هادية حسب الله طقس العادة في عمل درامي تراثي. بالرغم من فرحتها بالحنة سمحت لأمها بأن تضعها على قدمها، وبالرغم من صوت الزغاريد التي انداحت، تحركت بقميصها الأحمر الجديد، النقود تتكاثر تحت مخدتها على الأخص، عندما عادت الفتيات بحوائج الجيران بعد سرقتها يصرخن منبهين (العادة.. العادة) وتتجمع الأغراض طشت مريم بت الزين مركوب حجة عشة وتبروقة شيخ الأمين، يضطر أصحاب الأغراض دفع النقود لاستردادها، تتكدس الأموال ولكن النظر إليها لم يجعلها سعيدة. تساق الفتاة نحو مصيرها في هذا الحوار: أم سلمى: فرعوني يا أم الخير. أم الخير: لكن أمها وصتني قالت سوهو نص. أم سلمى: نص ده شنو، كمان الطهارة ياها الفرعوني من الله ما جاب الدنيا. أم الخير: شوفي شغلك يا أم سلمى الطهارة نص. أم سلمى: يا أم الخير الطهارة فرعونية راسا عديل بلا بشتنة للبت. ولغرض التنوير والدعوة للقضاء على هذه العادة الضارة وكافة أشكالها، علينا بحث متخذي القرار وقطاعات المجتمع بالتحرك لاتخاذ التدابير اللازمة والإجراءات لحماية الطفلة والمرأة. هذه العادة التي تنتهك حقهن في التمتع بالصحة البدنية والعقلية والنفسية من خلال الدراما. لنا لقاء..