{ أعتقد أن واحدة من أهم الإشارات والدلائل على أن الشعب السوداني يمتلك نضجاً سياسياً على درجة عالية من الذكاء والفهم لمجريات الإحداث وتصاعدها؛ إنه لم يجارِ (الموضة) التي انطلقت من تونس وعصفت بديكتاتور من العيار الثقيل، بل هو واحد من أقوى الأنظمة في المنطقة العربية بقبضته الأمنية المحكمة وهو نظام زين الدين بن علي. وامتدت النيران نحو مصر لتطيح بنظام آخر أكثر صلفاً واستبداداً وتمكيناً للقبضة الأمنية البوليسية، وتواصل الحريق إلى ليبيا المشتعلة هذه الأيام وكان الله في عون شعبها؛ إذ أنه لا يقاوم ويناهض حكماً ديكتاتورياً فقط ولكنه يناهض ويقاوم رجلاً هو بمعنى الكلمة ودون تفسير لها هو في (الترللي). أقول إن الشعب السوداني بهذا النضج والفهم لم ينجرف وراء التيار، رغم أن المطالب موجودة والناس تكابد من أجل لقمة العيش ورغم أن الفساد تفوح رائحته ما أن تُذكر أسماء بعينها أو مؤسسات يدور حولها الكلام، ولكن هذا لا يمنع أن نقول إن هناك إنجازات قد تحققت وأخرى في الطريق والأهم من ذلك أن يقيناً لا يخالطه شك عند كثيرين بأن الرئيس الذي هو قريب منهم بالمفردة والوجدان قادر على أن يصلح الحال المائل، وهذا في رأيي المتواضع لا يتأتي إلا (بشك) أوراق اللعبة من جديد، وأقصد أن تكون الكفاءة والمهنية هي المعيار الوحيد لتولي فلان أو علان الوزارة المعنية والمؤسسة ديك أو المشروع داك، يعني وبصراحة نريد حكومة (تكنوقراط) همها الأول والأخير هو تحقيق الإنجاز والإعجاز دون إقصاء لرأي أحد لأنه ما مؤتمر وطني أو تقريب لأحد لأن كل ما يحمله من مبررات لوجوده في المكان الفلاني أنه مؤتمر وطني. وأعتقد أن تجربة الحزب الوطني في مصر كفيلة بأن تكون درساً مهماً لكل صاحب عقل وبصيرة وتجربة يجب أن تتعلم منها الأحزاب التي تدّعي الأغلبية أو الممسكة بتلابيب الحكم، فإن كان الشعب السوداني، وبالتأكيد أقصد قواعده العامة من الناس فيه، على درجة من النضج والوعي، أرجو وأتمنى أن يحترم المؤتمر الوطني هذا النضج وهذا الوعي ويمنحه قدره لأنه إذا رأيتَ أنيابَ الليثِ بارزةً فلا تحسبنَّ أن الليثَ يبتسمُ. كلمة عزيزة { نعم، أنا أقدر جداً حاجة وحوجة واحتياج المحطات الفضائية للإعلان وكم من برامج جيدة أفسدها تغوُّل المعلن والإعلان عليها، لكن ممكن نبلع الفواصل الإعلانية في البرامج ونقول يا بخت من نفَّع واستنفع، لكن وعلى ما أظن كل شيء على حسب الأصول والاحترام للمشاهد نفسه، يعني مش لأني مثلاً عندي قروش، وبالطبع أقصد ملايين متلتلة، ممكن أهنئ ابنتي بنجاحها في نشرة عشرة أو مثلاً أعلن عن منتج خلال مؤتمر صحفي مهم. وعلى هذا القياس دعوني أقول إن حاجة النيل الأزرق للإعلان كمصدر من مصادرها لا يعني أن يكون برنامج (مساء جديد) هو محل للإعلان عن مطعم للمأكولات ويا ريت لو أن الإعلان كان بشكل ترويجي والسلام ولكنه كان فقرة أساسية قدمها مذيع من خارج الاستديو في وقت كامل الأهمية ليقدم لنا مادة كاملة السوء والبلاهة والفقر في المحتوى، ولا أدري ماذا سيستفيد المشاهد البسيط، الذي أغلبه من سكان الأحياء البسيطة، من أنواع السوشي والكفتة والشوربة التي يقدمها المطعم..! أنا شخصياً لا ألوم المعلن الذي من حقه أن يطمع في أكثر الفترات مشاهدة ليعرض منتجه، لكن ألوم إدارة النيل الأزرق التي لم تحترم المشاهد ولم تحترم رغبته في أن يشاهد مادة جيدة وذات محتوى. كلمة أعز قالت المغنية إياها إنه تم اختيارها (للإعلان) لأنها نجمة. وبما أننا ناس فهمنا على قدرنا أرجو أن تتكرم علينا بمقاييس النجومية التي تتمتع بها سيادتها وعندها سأقول لها: «نيفر.. نيفر».