{ لم نشهد حتى الآن ولم نرَ ولم نسمع جملة أو عبارة واحدة من الصحفي العالمي الأستاذ محمد حسنين هيكل عن هذا الذي يجري في ليبيا. { وخصصنا الأستاذ هيكل لأنه هو الذي سَوَّق الضابط الشاب معمر القذافي وروَّج لحيويته وشبابه وثوريته التي رفعت معنويات مصر الجريحة وزعيمها عبد الناصر الذي أصبح يردد في ذلك الوقت من نهايات عام 69 ومعظم عام 1970م أنه ليس أدل على حيوية الأمة العربية من قيام ثورة الفاتح من سبتمبر، التي قادها في ليبيا معمر القذافي، وثورة مايو 69 التي قادها في السودان جعفر نميري. { ورغم ذلك فقد كان واضحاً منذ البداية انحياز وتعاطف ومحبة الأستاذ هيكل للعقيد القذافي وثورته التي هي في الواقع انقلاب عسكري نجح، في ظروف مريبة، في الإطاحة بالنظام الملكي وإقامة جمهورية، تحوّلت فيما بعد إلى جماهيرية، هيمن عليها العقيد القذافي وأبناؤه «هانيبال وسيف الإسلام وخميس ومعتصم وعائشة وهلمجرا». { إنّ الأمة العربية من المحيط إلى الخليج محتاجة ومشتاقة إلى أن تقرأ أو تسمع أو تشاهد الأستاذ محمد حسنين هيكل وهو يحكي القصة الكاملة لمعمر القذافي منذ استيلائه على السلطة في الفاتح من سبتمبر 69م وحتى الآن. { لقد أحب وانحاز الأستاذ هيكل للعقيد القذافي، وكره وخاصم العقيد نميري. وهيكل أصلاً من المدرسة المصرية التي ترى أن مصالح مصر الحيوية مرتبطة بالمشرق والمغرب العربيين وليس بوادي النيل، الذي من أهم مكوناته أو عناصره السودان. { ومن حقه طبعاً أن يتخذ من المواقف وأن يحمل من المشاعر ما يرى أنه سليم متصالح مع عقله وقلبه، لكننا نسأله بعد كل هذا الذي جرى ويجري في ليبيا وبعد أن أصبح جعفر نميري ونظامه في ذمة التاريخ: مَن الذي أضرَّ بالمصالح العربية أكثر: معمر القذافي أم جعفر نميري؟ ومَن الذي أساء إلى هذه الأمة أكثر: القذافي أم نميري؟ { لقد كان للأستاذ هيكل نصيب مقدر من فضيحة 5 يونيو 67 بحكم اقترابه من المسؤول الأول عن تلك الفضيحة الذي هو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وهو - أي الأستاذ هيكل - الذي سمَّاها النكسة. { وكان له نصيبه المقدَّر من تسويق وترويج معمر القذافي المرفوض هو ونظامه وأولاده وابنته عائشة داخل ليبيا، الذي ينظر إليه العالم من اليابان شرقاً الى ألاسكا غرباً ومن المحيط المتجمد الشمالي إلى نظيره الجنوبي؛ باعتباره نشازاً ووصمةً في جبين الرئاسة وفي جبين الملوك. { نعم، من أوجب واجبات هيكل الآن أن يتحدث عن القذافي، الذي هو ليس رئيساً؛ لكنه قائد أممي وملك ملوك.