الأحداث التي جرت مؤخرا في شارع بشير النفيدي (الستين سابقا) كشفت عن قصور واضح في الشارع وبغض النظر عن الاخطاء التي نجم عنها الحادث البشع جدا الذي حدث قبل أيام وصاحبته تلك الأحداث المعروفة، نجد أن هنالك اموراً لا توليها الدولة اهتماما ولا تكترث لها إلا حين تأتي الطوبة في المعطوبة والطوبة قد جاءت في المعطوبة مرارا في هذا الشارع، فنتيجة الأخطاء الفنية والمماطلة في تكملة النواقص شهد الشارع الكثير من الحوادث التي اودت بحياة المواطنين في شارع كان من الأحرى أن يطلق عليه شارع الموت. قامت الدولة بتكريم الراحل بشير النفيدي كأبسط ما يقدم له على اسهاماته الوطنية الكبيرة واطلقت اسمه على شارع الستين فاستبشر المواطنون خيرا لأن أبناءه لن يدخروا وسعا في دعم الطريق ليخرج بالصورة التي تليق بالمواطن وتحفظ سلامته، وفي نفس الوقت تناسب اسم الراحل وسيرته، ومن المؤكد أن الشارع وجد الدعم الكبير من أبناء الراحل في الفترة الأخير، لكن الإخراج وهو الذي تقع مسؤوليته على الدولة ورغم تقديرنا للمجهود الذي بذل فيه على مدار سنوات جاء باهتا وعلى غير ما يشتهي سكان الجريف الذين خرجوا في مظاهرة تطالب باصلاحات في الشارع حين فاض بهم الكيل. فكان الحادث الأخير قبل أيام مضت هو رصاصة الرحمة الأخيرة للقائمين على الأمر الذين حملهم السكان مسؤولية كل ما حدث من تباطؤ في معالجات المسارات ووضع الإشارات المرورية مع أنهم كانوا على علم بكل ما يحدث من حوادث مرورية اودت بحياة الكثير في شارع الموت، وقد فقد أهالي الجريف الكثير من أبناء المنطقة في هذا الطريق لذلك خرجت جموعهم النساء قبل الرجال ليطالبوا بوقف النزيف على هذا الاسفلت الذي تحول الى نقمة في زمن وجيز بعد أن كان الجميع ينتظر نعمة السير عليه لوقت طويل تعاقبت عليه الشركات وتوقف العمل فيه لفترات طويلة ولعل هذا ايضا من اوجه القصور التي لا يعرف أحد اسبابها، ومن المؤكد أن الغضب الذي تفجر في الشارع في ذلك اليوم الذي سالت فيه دماء اكثر من خمسة أرواح أو ما يزيد سببه أن الشكاوى التي ارسلها المواطنون قبل شهور مضت لم تجد طريقا سريعا للقائمين على الامر، وكالعادة وضعت لها الحواجز وكثرت مساراتها للوصول الى الحلول الناجعة والإشارة ظلت حمراء في طريقها وكل ما قاموا به هو تكوين لجنة قبل ثلاثة اشهر والغريب أن هذه اللجنة الموقرة لم يفتح الله عليها بفعل شيء يوقف نزيف الدم حتى جاء التغيير باصوات الذين افجعهم ما يحدث أمام اعينهم وتجرعوا مرارات هذا الاسفلت، واستطاع هؤلاء المعتصمون أن يجعلوا المسؤولين يهرعون الى المكان فى دقائق معدودة بعد أن غابوا عنه لشهور طويلة ليس هذا فحسب بل أن الاصلاحات التى كان ينشدها سكان المنطقة والمواطن في هذا الشارع ويحلمون بها منذ فترة طويلة تحققت في لحظات وكأنهم حينما خرجوا الى الشارع وهتفوا ضد ما يحدث كانوا يحملون معهم عصا موسى التي دائما ما يتحجج بها كل مسؤول حينما يعجز عن تحقيق تطلعات المواطن ويعتذر بأنه لا يملكها في الوقت الحالي. شارع (بشير النفيدي) نموذج مصغر جدا للكثير من الشوارع التي تمثل خطرا حقيقيا على أرواح المواطنين إن كانت طرقاً سفرية أو داخلية ولعل الاحصاءات التي تتم لمعرفة الذين مضوا في رحاب الله بسبب الحوادث المرورية سنويا هي ارقام مهولة جدا موزعة ما بين اهمال السائق واهمال الدولة في إنشاء طريق سليم بمقاييس جيدة يكون شعارها الحفاظ على ارواح المواطنين وسلامتهم، اما ما يقومون به الآن فهو لا يعدو أن يكون اسفلت يوضع بطريقة معينة والبقية تأتي لاحقا وربما لا تأتي. على الدولة أن تكون متابعة لمتطلبات المواطن في كل شيء وان تعمل على إزالة كل مشاكله وهمومه بدون تلك البروقراطية التي تمارس في كل مؤسسات الدولة، وان تعطي المواطن الإحساس بأنها حريصة على ايجاد حلول لكل مشاكله بالاستماع الجيد والعمل المتواصل، وعليها أن تعمل على أن تصل حقوق المواطن اليه كاملة متكاملة، فالذي لا يجد الاهتمام في ابسط حقوقه سيخرج الى الشارع ليبحث عنها ولو بعد حين، وهى ايضا دعوة لأبناء الراحل بشير النفيدي أن يكونوا حريصين على الشارع الذي يحمل اسم والدهم بأن يتصدوا لكل المشاكل التي ستواجه الطريق في المستقبل ويتقاسموا المسؤولية مع الدولة، ويسهموا في التقليل من الحوادث ويساندوا سكان الجريف وكل الذين يستخدمون هذا الطريق بجعلهم اكثر اطمئنانا وامانا وان يعتبروا هذا الامر تطوعا وتكليفا من المواطن المسكين وعمل خير وحتما سيحظون حينها بدعوات الملايين.