جاء في افتتاحية جريدة «هآرتز» الإسرائيلية في عددها الصادر أمس الأول الاثنين الموافق 21 مارس أنه بعد ثمانية أعوام بالضبط من الحرب على العراق التي شنَّها تحالف دولي بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، فإن القوات الغربية تقوم الآن بمواجهة شبيهة ولكن هذه المرة ضد ليبيا، والهدف الرسمي لهذه المواجهة العسكرية هو منع قوات القذافي من إيذاء الثوار المدنيين. لكن الهدف الحقيقي هو الإطاحة بنظامه. وتقول الجريدة إن هناك بعض الاختلافات والفوارق في الحالتين العراقية والليبية. ففي حالة العراق كانت قوات التحالف الدولي تستهدف إزالة أسلحة الدمار الشامل وحماية المصالح الإستراتيجية المتمثلة في البترول. أما هذه المرة فإن قوات التحالف الغربي التي تتعاون معها بعض الدول العربية تنشد حماية المدنيين الليبيين وتبتغي مساعدة الثوار المناهضين لنظام العقيد القذافي. لقد استطاع الشعبان التونسي والمصري الإطاحة بنظامي الرئيسين زين العابدين بن علي ومحمد حسني مبارك ولم تكن هناك تدخلات أجنبية ولكن في ليبيا فإن ثورة الفيسبوك مرشحة إلى أن تُصبح ثورة توم أهوك. «إن التدخُّل العسكري الغربي في ليبيا سوف يؤثِّر سلبياً على شرعية الثورة»، وكثير مما أوردته الجريدة صحيح وفي نفس الوقت فإنه ما كان ممكناً القبول بضرب شعب بالطائرات والدبابات فقط، ليستمر الحاكم في مقعده. وقد يسأل البعض لماذا ليبيا؟ لماذا لم يتدخل الأوروبيون والأمريكيون عسكرياً عندما قصف الإسرائيليون غزة؟ ولماذا لم يتدخلوا في اليمن؟ وفي إيران وغيرها؟ وتختلف الإجابات عن هذه الأسئلة. إننا إذا افترضنا لأجل الجدل أنه في بعض الظروف والحالات لا مفر من طلب التدخُّل العسكري الأجنبي والقبول به، فإن هذا التدخُّل يجب أن يكون محدوداً ومؤقتاً. وفي كل الأحوال فإن له مضاره على المد بين العاجل والآجل. لكن المسؤولية أساساً هي مسؤولية بعض الحُكّام الذين قدموا أنفسهم وعائلاتهم على شعوبهم التي وصلت كراهيتها لهم وعجزها في نفس الوقت إلى درجة القبول بأن تُحرِّرهم الجيوش الأجنبية من حُكّامهم المحليين. وهي خطوة إلى الوراء ونتمنى ألاّ يتكرر ما حدث في ليبيا في غيرها من أقطار العالم العربي وإفريقيا.