سوريا من الأقطار المفتاحية في هذه المنطقة من العالم وقد حكمت العرب والمسلمين جميعاً أيام الخلافة الأموية، وكانت العاصمة ولا تزال هي دمشق. وكان من الغرائب في الخلافة الإسلامية أنها بعد انتهاء عهد الخلفاء الراشدين آلت إلى بني أمية الذين في معظمهم لم يكونوا من السبّاقين إلى الإسلام، وكثير منهم كانوا من الطلقاء. ثم بعد أفول نجم الخلافة الأموية في دمشق فإن نفراً منهم أقاموا دولة ذات شأن في إسبانيا، ومن الواضح أن الأمويين الذين حققوا تلك الإنجازات أخذوا الكثير من سوريا، من حضارتها ومن احتكاكها أو اتصالها المبكر بالعالم الخارجي. مما ساعدهم في تحقيق تلك الإنجازات، وفي نفس الوقت من الإنصاف أن يقال إنه كان لخصائصهم الذاتية دور في ذلك. وفي العصر الحديث ومنذ سنة 1963م وحزب البعث العربي الاشتراكي يحكم سوريا، وأقوى مَن في حزب البحث والجيش السوري وأكثرهم نفوذاً هم العلويون الذين ينتمي إليهم الرئيسان الراحل؛ الفريق حافظ الأسد، والحالي؛ ابنه الدكتور بشار. وغالبية السكان من المسلمين السنة، والعلويون أقلية لكنهم يحكمون وكان هذا الوضع معكوساً في العراق قبل الاحتلال الأمريكي البريطاني الذي تم عام 2003م، فقد كانت غالبية العراقيين من الشيعة وكان السنة يشكلون الأقلية لكنهم هم الذين كانوا يحكمون. وكانت الأقليات العلوية في سوريا والسنية في العراق تحكمان البلدين بالقوة، وكان ذلك من نقاط ضعف النظامين، رغم أنهما حققا قدراً من الاستقرار. وهناك نقطة ضعف أخرى يعانيها النظام الحاكم في سوريا، وهي أن جزءاً غالياً منها ما زال يرسف في الاحتلال الإسرائيلي. والمسؤول الأول عن هذا الاحتلال هو نفس الحزب الذي ما زال يحكم سوريا، ومن الغريب والمحيّر أنه باستثناء حرب أكتوبر 1973م، فإن النظام الحاكم لم يبذل أية محاولة عسكرية لتحرير مرتفعات الجولان، وفي نفس الوقت فإنه ظل أعواماً كثيرة يعارض الحلول السياسية والدبلوماسية، لكنه شرع منذ فترة قصيرة في التفاوض غير المباشر مع الإسرائيليين برعاية تركيا، ثم توقفت هذه المفاوضات. هل يستطيع النظام السوري أن يتجاوز الاحتجاجات الشعبية الماثلة؟ وكيف.. بالقوة أم بالحوار؟ وهل ثَمّ أمل بأن ينفتح النظام على مختلف القوى السياسية ويشرع في إقامة نظام ديمقراطي تتحقق فيه مطالب المحتجين؟، هل من الممكن إزالة الفساد؟ وهل يستطيع النظام أن يحرر أرضه التي احتلتها إسرائيل منذ حرب يونيو 67؟....وإلخ. وليس هناك أحد يستطيع أن يجيب، فكل شيء ممكن وكل الاحتمالات واردة.