{ الثورات.. والاحتجاجات الشعبية بأشكالها المختلفة تحوم في الوطن العربي شرقاً من البحرين وغرباً إلى «ليبيا» و«تونس» و«المغرب» وشمالاً إلى مصر، وجنوباً إلى اليمن وسلطنة عمان، لكن دولة «الكويت» تبقى (مُحصنة) ضد الثورات والانتفاضات، رغم قربها (الجغرافي) من (قاعدة الجزيرة) الفضائية.. وقواعد أمريكية أخرى..!! { مكتب (قناة الجزيرة) في الكويت (مُغلق) بأمر السلطات منذ زمن، ورغم ذلك تبقى الكويت (مُطعمة) ضد أمراض (الطفولة الديمقراطية) بمصل الديمقراطية المُطَّور.. وهذا ما فشلت فيه دول الخليج المجاورة لها، بما فيها (قطر الجزيرة) رغم الرقص على شعارات (الرأي والرأي الآخر)!! { الكويت تمارس ديمقراطية حقيقية منذ سنوات طويلة عبر انتخابات حُرة وشفافة، تتمخض - دائماً - عن برلمان حُر، وقوي، وفاعل، وقد كتبتُ مقالاً قبل أكثر من عامين، أطالب فيه مجلسنا الوطني بأن يحذو حذو مجلس الأمة الكويتي الذي يستجوب الوزراء ويسحب الثقة عنهم، بل ويطيح بالحكومات، بينما لا يفعل مجلسنا برئاسة مولانا «أحمد إبراهيم الطاهر» شيئاً سوى زيارة مستشفى الذرَّة لعلاج السرطان، والبكاء معنا، ومع أهالي المرضى، حزناً على حال المصابين بداء السرطان الذين لا يجدون ثمن الجرعات، بل لا يجدون (الجرعات) ذاتها بعد تقليص دعم المستشفى في إطار سياسة التقشف التي أقرتها ونفذتها وزارة المالية!! { أقوى موقف اتّخذه مجلس مولانا «الطاهر» هو قراره بإنهاء خدمة النواب (الجنوبيين) في البرلمان بإعلان نتيجة الانفصال، لكنّه تراجع - بعد ضغوط مكثفة - ليوافق على السماح لهم بحضور الجلسة الافتتاحية المقرر انعقادها يوم غدٍ الإثنين، ثم (مخارجتهم) - أي الجنوبيين - بالحسنى، وتعبير (المخارجة) ماركة مسجلة لمولانا «الطاهر». { وسواء ظل نواب الجنوب في الخدمة بالبرلمان - خدمة لأجندة دولة الجنوب وقطاع الشمال - أو ارتضوا الذهاب إلى دولتهم بالحسنى، ليستعدوا لتأسيس مؤسساتها الديمقراطية والدستورية، فإن الأمر بالنسبة لي - شخصياً - سيّان، لأن نواب (المؤتمر الوطني)، وهم أغلبية ساحقة، يمكنهم إجازة كل القوانين والإجراءات التي يريدون تمريرها دون حاجة إلى محاولات بحث عن (إجماع)، كما كان يحدث خلال السنوات الماضية، وعلى أية حال فلم يتبق من الزمن سوى أسابيع، سيغيب خلالها أغلب نواب الجنوب عن الجلسات. { أعود للكويت، وأنا معجب أشد الإعجاب بتجربتها الديمقراطية (الخاصة جداً)، فقبل يومين قدمت الحكومة الكويتية استقالتها - عقبال عندنا - بسبب ضغوط برلمانية مكثفة من بينها استدعاءات واستجوابات لثلاثة وزراء من الأسرة الحاكمة.. أسرة الأمير «صباح الأحمد الصباح»، وهي حاكمة مثل أسرة الملكة «اليزابيث» في بريطانيا وبموجب الدستور، لكن البرلمان باستطاعته الإطاحة كل شهر بحكومة يشكلها (سمو الأمير)!! وقد حدث ذلك مرات ومرات!! بينما لا يستطيع برلماننا - نحن السودانيون الديمقراطيون حتى النخاع - فعل ذلك، حتى في بعض عهود (التعددية)، فما كان يقرره (السيدان) يبصم عليه البرلمان منذ الخمسينيات من القرن المنصرم وحتى الثمانينات!! { مبروك على الكويت برلمانها.. وحظاً موفقاً لحكومتها الجديدة!