كتبنا قبل ذلك عن الخلفيات الخطيرة التي تقف خلف ظاهرة (الشحذة) والشحاذين تحديداً فانبرى لنا قارئ عبر هذه الزاوية يدعى (محمود) طالبنا بأن نستر هؤلاء الشحاذين ونتركهم وشأنهم، وقد دعانا في ذات المقالة إلى مطالبة الجهات المعنية بأمرهم لتوفر لهم احتياجاتهم، وقد رددنا عليه آنذاك بأننا لا نقصد كل شحاذ وإنما نقصد ظواهر خطيرة تصاحب الحاجة التي تدفع البعض ليقف في الشارع يطلب من المارة ومن المؤكد أن من بينهم أصحاب حاجة حقيقية ولكن هناك آخرين صاروا يمتهنون هذه الظاهرة ويكنزون الأموال ويتملّكون الأملاك وتجدهم في مواقع محددة ويومياً وضربنا أمثلة لهؤلاء دون ذكر الأسماء وتساءلنا: هل تنطبق الحاجة على أمثال هؤلاء؟ وطالبنا الجهات المختصة -وما زلنا نطالبها- بأن تنتبه إلى هذه الظاهرة الخطيرة. الأربعاء الفائت 30/3/2011م نشرت صحيفة (الوطن) تقريراً صحفياً مميزاً أعده الأستاذ عبد الرحمن حنين بعد أن اقتحم ما أطلق عليه (حلة الشحادين) التي تقع في الأطراف الجنوبية لمدينة الخرطوم ويطلق عليها من جانبهم (حي قورو) وحتى لا نتدخل في المادة الصحفية نسرد بعض ما جاء فيها كما هي حتى يتيقن الأخ (محمود) من أننا لم نكن نمارس خروجاً على الواجب الصحفي والوطني وإنما نكشف حقائق لعلها تجد من يتعامل معها من المسؤولين حتى لا تقع الفأس في الرأس. تقول (الوطن) إنها اقتحمت (حلة الشحادين) واستمعت لروايات مختلفة حول كيفية دخول الأجانب المتسولين الوافدين من دول أفريقية، وأنها استمعت لسيدة أفريقية (أ. م) في العقد السابع من عمرها قالت إنها باعت كل ما تملك من أجل الدخول إلى السودان، ورجل آخر (ب. م) يقول إنه دخل إلى السودان عبر مجموعة التقته في إحدى العواصم الأفريقية ويقول إنه كوّن أسرة، وتسرد الصحيفة معلومات كثيرة تكشف عن أثرياء وسط المتسولين وأن بعضهم يستأجر أطفالاً من أمهاتهم مقابل خمسة جنيهات عن كل طفل في اليوم وتقول الصحيفة إنه بداخل (حلة الشحادين) تنمو وتفرخ شبكات الإجرام والعصابات التي تضم في داخلها أطفالاً تتراوح أعمارهم بين (11 - 15) بالإضافة إلى تكاثر مجموعات (النقرس) التي تنهب وتسلب كما أشارت الصحيفة إلى تنامي مجموعات النشالين وأخرى تمارس السطو الليلي. ما تم الكشف عنه كثير ومثير وخطير، وهو في ذات الوقت يختلط على الناس خلف الحاجة، وما أسهل أن تتسرب هذه المجموعات القادمة من خلف الحدود الغربية للبلاد إلى التقاطعات و(الإستوبات) وكلنا يعرفهم بملامحهم الواضحة، وهم قد صاروا أسراً ويتكاثرون داخل أنشطتهم هذه التي صارت بالنسبة لهم مهناً يمتهنونها. و مازلت أتساءل: هل يجوز منح المال لهذه المجموعات صباحاً ومساءً وهم يحتفظون بذات المواقع لشهور وربما لأعوام ومنهم من يمتلك الركشات كما كشف لنا التقرير الصحفي الذي نحن بين يديه الآن؟ وهل للحاجة التي يقرّها الإسلام ويشترطها سبباً للمنح وتقديم المال لمن يحتاجه حتى لا يكون ذلك مدعاة للتسول وهجر العمل. نأمل أن تتعامل الشرطة السودانية مع الظواهر الخطيرة التي تتصل بهذه الأوضاع الدخيلة على مجتمعنا وأن تستصحب معها رأي الدين وكذلك على المؤسسات العاملة في هذه الجوانب أن تطرح بديلاً جديداً لهذه التقاطعات والشوارع التي باتت مزدحمة بالعشرات من هذه العناصر الوافدة التي بدأت تزحف إلى الولايات وقد رأيتها بأم عيني وسألتني، وهم أطفال يمكن أن يتم توفيق أوضاعهم وتحويلهم إلى قوى منتجة بدلاً عن قوى متسولة. عموماً المسألة كبيرة جداً ومهمة جداً جداً، ونأمل أن نجد أذناً صاغية ترد علينا وتبصرنا أكثر بخفايا وأبعاد هذه الظاهرة ومسؤولية كل فرد منا تجاهها.