أكرمني الله -وأعتبره كرماً يستحق الشكر- أن منحني شغالة، لكنها على غير ما أسمع من صديقاتي اللائي يشتكين مرّ الشكوى من شغالاتهن، إن كن حبشيات أو فلبينيات، اللائي يبدعن في أنواع (الغتاتة)، من عدم إكمال واجباتهن المنزلية أو انشغال بعضهن بالحديث عبر الهاتف، أو تلك التي تظل مشغولة (بالمتاوقة) للتلفزيون وتحفظ أسماء القنوات والممثلين أكثر من حفظها لاسمها. المهم، دعوني أعود إلى شغالتي التي هي من نوع الرجل الآلي، فلا علاقة لها إلا بالمكنسة والممسحة وأدوات النظافة، ولا تستجيب حتى لدعوتي لها بمشاهدة التلفزيون في وقت فراغها، وتكتفي بالجلوس على سريرها والحملقة في الداخل والمارق، لكن أمس حدث ما هو فوق العادة، مما جعله جديراً بأن أشارككم إياه، لأنه يستحق المناقشة والحديث، حيث أنني ما تعودت من (هندية) -وهذا اسمها- ميلاً للطرب حتى لكأنها لا تسمع ما تبثه فضائية زول من أغنيات حبشية أتعمد رفع صوت التلفاز لعلها تلفت نظرها وتمارس حقها كبني آدم في الترفيه والطرب، والحدث يا سادة أن فضائية النيل الأزرق أعادت سهرة الخميس من برنامج (نجوم الغد) وكانت واحدة من ضيوفه الفنانة الموهوبة صاحبة الصوت الأسطوري فهيمة عبدالله، وما إن بدأت فهيمة تغني أغنية خاصة بها مطلعها (ريدة زول صغير صغير قيافة) إلا وشفت (زولتي) تنطلق إلى حيث يقبع التلفزيون وتتسمر أمامه لدرجة أنها لم تحس بوجودي، ولم تنتبه إلى أنني تعمدت رفع الصوت أكثر لأعرف رد فعلها، وبصراحة احترمت حالة الطرب والاستماع التي أصابت شغالتي فجأة وانتظرتها حتى انتهت الأغنية فقالت لي وكأنها تقرأ سؤالي قبل أن ينطقه لساني (ماما البنت ده صوته تمام) ليسقط في يدي وأقول لله درك يا فهيمة وجمال صوتك يفك ترجمة الكلام ليتجاوز حاجز اللغة فيفعل فعل السحر حتى في الأعجمية التي لا تتجاوز معرفتها باللغة العربية كلمات بضعف عدد الأصابع!! صدقاً لفهيمة صوت رهيب يدغدغ الإحساس متجاوزاً محطات الأذن دون جواز أو إشارة دخول، ففهيمة حالة نادرة واستثنائية على المشهد الغنائي السوداني، كم أتمنى أن يتولاها بالرعاية كل من يهمه أن تمضي قاطرة الفن الجميل بلا توقف ولعلي أهمس للإخوة في النيل الأزرق أن مكان فهيمة في برنامج أغاني وأغاني شاغر وتستطيع الشابة أن تملأه بكل جدارة وهي أحق من ريماز وأميمة التي منحت الفرصة العام الماضي وزي ما جات زي ما مشت. على فكرة المقارنات التي يجريها الأستاذ بابكر صديق لنجوم البرنامج بين إطلالتهم الأولى وآخر أعمالهم الخاصة هي مقارنات تأتي في صالح هؤلاء الشباب لأنها تحفزهم على الوجود وعلى إثبات الذات بأعمال خاصة يضعون بها أقدامهم على بداية الطريق، فشكراً وبصفة خاصة لك أستاذ بابكر أن منحتنا هذا الصوت العبقري فهيمة عبدالله الخلى الأبكم رطن!! كلمة عزيزة هذا الأسبوع استحقت النيل الأزرق عندي نجمة الإنجاز والتميز ولعلي كنت من المشفقين عليها وقد شهدت في الفترة الماضية توقفاً في إنتاج البرامج واعتمدت على إعادة سهرات مضى عليها عام أو أكثر لكن هذا الأسبوع إضافة إلى سهرة الشاعر صلاح أحمد محمد صالح والبروفيسور أحمد محمد إسماعيل قدمت برنامج بيوت وحكاوي الذي تناول مرض (التوحد) عند الأطفال وبصراحة هذا البرنامج تحدث عن شريحة مهمة لكنها مهملة لدى المجتمع من ناحية احتياجاتها وكيفية التعامل معها لذلك فإن تسليط الضوء عليها أعتبره عملاً إعلامياً محترماً إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الإعلام يخدم المجتمع ويسلط أضواءه على قضاياه فالتحية لمن قاموا بإعداد وتنفيذ هذا البرنامج الذي أرجو أن ينداح أكثر وما أكثر الحكاوي في البيوت السودانية، ألا تستحق النيل الأزرق نجمة التميز؟! كلمة أعز ممكن أشعر أن المخرج وضع مذيعة ما في ورطة لو طلب منها أن تتحدث مثلاً وعلى الهواء مباشرة عن قانون العقوبات أو عن مادة في الدستور، لكن أن (تتلجلج) مذيعة ولا تستطيع أن تركب كلمتين على بعض عن الفنان الكبير بادي محمد الطيب يجعلني أسأل الإخوة في النيل الأزرق: من أين تأتون بأمثال هؤلاء!!