{ اليوم دعنا نتفق.. لا فرق عندك إن بقينا أو مضيت لا فرق عندك إن ضحكنا هكذا وأنا وحدي بكيت فأنا تركت أحبتي ولديك أحباب وبيت وأنا هجرت مدينتي وإليك بعضي أتيت وأنا اعتزلت الناس والطرقات والدنيا فما أنفقت لي من أجل نبقى وماذا قد جنيت.. وأنا وهبتك مهجتي جهراً فهل سراً نويت دعونا نتفق أن الشاعرة روضة الحاج قد ظلمتها المنابر والمحاور رغم الجسارة والصمود حتى بتنا نخاف على (عش القصيد). { قابلت روضة الحاج لأول مرة في زيارة لإذاعة كسلا في منتصف العام 93 تقريباً، كانت تتلمس الخطى وأجريت معها أول حوار صحفي، وكانت وقتها تكابد الحرقة.. وجفاف المعاني التي من حولها.. كانت المفردة النسوية تتسكع في مدارات ضيقة وأنفاس مكتومة ولكن صوتها كان مسموعاً قوياً. تستشف نضارة الحرف من ثقافتها العميقة، فهي شاعرة رصينة ومذيعة تعرف تمسك زمام المايكرفون بشموخ وعزة المرأة السودانية التي تعتز بكبريائها ونضالها، قابضة على جمر الحقيقة كأنها كانت امتداداً لمهيرة ورابحة الكنانية. { روضة الحاج تمردت على القرطاس ومنحت لقوافيها مساحة وبعداً مطلقاً وطوعت الكلمات قهراً من صميم الأنفاس لتعلن أنها موجودة.. بذلك الوهج الجميل تملك قدرة مدهشة على ارتياد المجاهيل وعلى الغوص في التفاصيل.. وتلتقط الأصداف بحسها الندي.. لديها كذلك نفحة وعذوبة في قراءة القصائد والإلقاء بصوتها الموسيقي. وعندما تقرأ أشعارها بنفسها تغسلها بماء الورود قبل أن تطلقها للناس عطراً نفاذاً.. { شاركت في مسابقة أمير الشعراء في شاطئ الراحة بإمارة أبو ظبي بدورتها الأولى فناضلت وسط الشعراء العرب حتى تساقط معظمهم وحازت على مركز متقدم، رغم تلك النزعة التي صابت لجنة التحكيم، باعتبار أن إمارة الشعر تتطلب رجلاً كأمير وليس أميرة.. وكانت هي أميرة كل شعراء هذا الزمان في الوطن العربي قاطبة، فقد أسمعت بصوتها الرحب ونفذت في الآفاق وأوجدت لحواء العرب مكانة وسط المنابر، ولولاها لكانت مسجونة في حيز المعيشة تهرول ما بين المطبخ وبقية الحجرات إلا أن روضة الحاج بأشعارها وأحلامها فتحت منافذ للمرأة العربية وأعطتها الضوء الأخضر لتبث أشواقها ومشاعرها النبيلة، وها هي تعطر قلوبنا وأحاسيسنا بواحدة من أجمل وأروع قصائدها.. تقول مقاطعها: لو كنت تعرف كيف ترهقني الجراحات القديمة والجديدة ربما أشفقت من هذا العناء لو كنت تعرف أنني من أوجه الغادين والآتين أسترق التبسم أستعيد توازني قسراً.. أضحك حينما ألقاك في زمن البكاء لو كنت تعرف أنني أحتال للأحزان.. أرجئها لديك وأسكت الأشجان حيث تجئ.. أخنق عبرتي بيدي ما كلفني هذا الشقاء!! ولقد شاركت روضة في عدد من المنتديات الشعرية والأدبية في الخليج، وكان آخرها منتدى «الاثنينية» بالسعودية، حيث تجلت نجوميتها وإلقاؤها في هذا المنتدى الشعري بشهادة الجميع.