يمكن القول إن أكثر مجال في الصحافة يجلب النكتة هو مجال صحافة الجريمة، ولعل معظم المجرمين الذين نقابلهم لا يحملون هماً للحياة وبعضهم ينتظر حبل المشنقة. وذات مرة أجريت حواراً مع بعض المحكوم عليهم بالإعدام، وسألت أحدهم عن آخر أمنياته فرد عليّ ضاحكاً «يعني أمنيتي ح تكون أتزوج وأنجب عيال؟ أمنيتي حبل المشنقة».. لحظتها اقشعر بدني بينما يرتجف جسده هو من الضحك. ومن الطرائف التي صادفتني ويتحدث عنها الناس أن مولانا سيد ديدان وحسب علمي فإنه تقاعد من القضاء وعمل محامياً؛ وأثناء فترة عمله حكم على أحد تجار المخدرات بالسجن، وأمر بإبادة المعروضات، فلما أحضر رجال شرطة المحاكم برميلاً وأفرغوا الحشيش داخله ليبدأوا في إشعال النار فيه لإبادته؛ تقدم رجل طاعن في السن من القاضي وقال له «الحشيش ما بيبدوه كده» فأمر القاضي بإيقاف إشعال النار ليعرف طريقة إبادته، فرد عليه «بيبيدوه سيجارة سيجارة»، فانفجر القاضي والحضور بالضحك. ومن الذكريات أيضاً أن عصابة للدجل والشعوذة كان يحاكمها مولانا محمد سر الختم وبين أفرادها (قزم) كانت تضعه العصابة داخل حقيبة ليتحدث باعتباره الجني، ومع النطق بالحكم سأل مولانا القزم «هسع أحاكمك معروضات وللا متهم؟» فرد القزم سريعاً «متهم يا مولانا المعروضات ح تبيدوها». وحقيقة ينطبق المثل « شر البلية ما يضحك» على أولئك المجرمين خاصة معتادي الإجرام لذا استفادت الدولة كثيراً منهم في برامجها الإصلاحية رغم أنهم قد لا ينصلحون إطلاقاً وبالطبع لا نقصد مساجين السياسة فهؤلاء نكاتهم قليلة لأنهم عندما دخلوا قالوا (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ). الحديث عن الجريمة والمجرمين يحتاج إلى الكثير من الحديث والقناعة بأنهما موجودان طالما هناك مجتمع وأن مجتمع المدينة الفاضلة أضغاث أحلام ويبقى الأمل ألا تكون الجريمة ظاهرة ذات منابع ومنابت تؤثر في الفضيلة ومسؤوليتها بالطبع ليست مسؤولية أجهزة الشرطة لأن الشرطة تقف كخط دفاع ثان للمجتمع تتدخل عندما يتقاعس الخط الأول وهو المجتمع نفسه.. سألت يوماً الفريق أول محمد نجيب الطيب مدير عام الشرطة السابق عن الجريمة فرد علي بحديث ظللت أذكره (إننا ليس من واجبنا نزع الشر). فلنبحث معاً عن المسؤول عن نزع الشر.