يعد الاحتفال بعيد شم النسيم تقليداً متوارثاً تناقتله الأجيال والشعوب عبر الأزمان والعصور.. ويعتبر في الأصل من أعياد مصر الفرعونية، ويرجع تاريخ الاحتفال به إلى ما يقارب الخمسة آلاف عام، وما يزال حتى الآن يحمل ذات المراسم والطقوس والعادات والتقاليد منذ عصر الفراعنة.. حيث يحتفل به المسيحيون في مشارق الأرض ومغاربها، ويعود احتفالهم مع دخول المسيحية مصر حيث جاء «عيد القيامة» موافقاً لاحتفال المصريين بعيدهم، فكان احتفال المسيحيين بعيد القيامة في يوم الأحد، ويليه مباشرة عيد «شم النسيم» يوم الاثنين، وذلك في شهر أبريل «برمودة» من كل عام... وفي السودان تحتفل الطائفة القبطية والمسيحية وغيرهم من الطوائف الدينية الأخرى بشم النسيم، حيث يعتقد المحتفلون أن النسيم في ذلك اليوم له تأثير مفيد، فيتناولون الطعام في الريف أو على شاطيء النيل، وهي نفس العادات التي ما يزال يمارسها المصريون حتى اليوم.. وفي جولة ل(الأهرام اليوم) أمس (الاثنين)، داخل الغابة التي تطل على شاطيء النيل الأبيض الهادئ، حيث يكثر المحتفلون بهذا اليوم في جو النيل العليل.. من أقباط ومسيحيين وآخرين.. وعند «لمّة» عائلة «مكرم»، القبطية، قرب الشاطيء وجدناه يجلس مع أحفاده وأولاده وأقاربه وأصدقائه في جو مفعم بالسعادة والتسامح، وأوضح «جرجس يعقوب» أنه يكون في غاية السعادة بمناسبة قدوم عيد «شم النسيم»، مبيناً أنه يعد بمثابة «العيد الكبير» للمسيحيين وذلك بعد صيام «55» يوماً على التوالي من الساعة 12 بعد منتصف الليل حتى الإفطار في الخامسة مساء، حيث يتم فيه تناول جميع الأطعمة عدا التي تكون من الأرواح؛ كاللحوم والبيض واللبن، وأوضح أنه في يوم عيد شم النسيم يكون الأكل السائد هو تناول الفسيح والبيض والشية، كما تلتقي الأسر مع أطفالها على النيل من أجل التغيير والترفيه، وذلك بعد المعايدة التي تكون في الكنيسة يوم الأحد.. حيث تقام الصلوات والتهانئ. فيما أوضح فريد أنه جاء للاحتفال «بشم النسيم» مع أسرته وأولاده، مبيناً أنه يوم جامع لكل الطوائف في العالم للاحتفال به ويمثل تعايشاً للجميع. وأكد أن السودان بلد مسامح يقدر الأقباط، ولا يفرق بين مسيحي ومسلم، وفي هذا اليوم تقول الناس كلها: «يا رب». وترى ماجدولين، زوجة جرجس، أن صديقاتها وجيرانها من غير المسيحيين يقدمون لها التهانئ بالعيد كما يحتفلون معهم «بشم النسيم»، مبينة أن التجهيزات فيه تبدأ من قبل شهر وذلك بتحضير الملابس وتجهيز الحلويات والخبائز واحتياجات «شم النسيم» من فسيخ وغيره. وقالت: «إن الرجال يعطوننا القروش ونحن نشتري احتياجات شم النسيم لنخرج إلى النيل والحدائق والمنتزهات».