نبدأ ونقول لو كان هناك وسام أو نجمة إنجاز أو وشاح في العمل الدبلوماسي الشعبي لمنحناه بجدارة وبتكريم مستحق للبروفيسور إبراهيم غندور، الذي لولا مجهوداته لما التأم شمال أفريقيا نقابياً في السودان لدرجة نكاد نقول فيها إن السودان صار أفريقيا مصغرة وأن أفريقيا صارت هي السودان، نقول هذا ولا نجامله لشخصه إنما لمجهوداته وصبره ومصابرته، وبفعل هذا الحراك الإيجابي للحركة النقابية السودانية ها هم قادة النقابات الأفارقة يناشدون السودان بتبني مشروعاتهم ويجددون مواقفهم الثابتة من تصديهم للمحكمة الجنائية، فهذا الرجل الهادئ الواسع الفكر السياسي والنقابي جعل السودان يتحرك بقوة نقابياً، وهو الآن يسهم في تحريك كل أفريقيا نقابياً أيضاً، وهو بهذا حفظ للسودان موقعه النقابي الريادي. وقدم للمجتمع الأفريقي النقابي التجربة السودانية في أبهى حللها، فها هم القادة النقابيون الأفارقة الذين عقدوا في السودان سمنار تشغيل الشباب والحكم والديمقراطية ضمن فعاليات المجلس العام الرابع والثلاثون لمنظمة وحدة النقابات الأفريقية؛ ها هم يعبرون وبالصوت العالي عن عظيم تقديرهم واحترامهم لحكومة السودان على اهتمامها بالنقابات والعمل الذي تقوم به وتفهمها للمشاكل والتحديات التي تواجه منظمة وحدة النقابات الأفريقية، وسررت جداً عندما دعا قادة المنظمة الأفارقة إلى إحياء مشروع السودان سلة غذاء العالم وتوسيع مواعين الاتفاقيات حول الطرق البرية التي يتم تشييدها لربط السودان بغرب أفريقيا، لكن الذي يهمنا ثم يهمنا ونحن جميعنا نترقب انفصال الجنوب والشمال في 9 يوليو، بل والعالم من حولنا يترقب أيضاً، هو أن ذات الحدث كان حاضراً في هذه الفعالية الأفريقية، حيث شدد قادة العمل النقابي الأفارقة على أن التزام الحكومة بتنفيذ تعهداتها في اتفاقية السلام وضمان استقرار السودان وتفويت الفرصة لعودة الحرب إنما تضرب بذلك مثلاً رائعاً للقيادة السياسية الواعية والوطنية التي تحس وتهتم بقضايا الشعب والوطن وتستحق أن تكون فخراً لأفريقيا. من هنا نقول لقد كانت ولا زالت أشواق الحركة النقابية منذ فجرها النضالي البعيد - أي من فترة محمد سلام إلى غندور وقبله الشيخ الجليل عابدون - لا زالت تتعلق هذه الأشواق بوحدة السودان لا لشيء، بل لأن الحركة النقابية لم تشهد في تاريخها القديم ولا الحديث - وأنا أول العارفين لها - لم تشهد أبداً جهوية ولا قبلية ولا فكراً سياسياً ضيقاً، ولم تقف مع أي دعوة انفصالية في أي موقع. هذا هو ديدنها وواقع حالها وهذه هي صومعتها التي تخرج منها كل النقابيين وتربوا على يديها وفي كنفها. ونقول إذا كان العالم كله يتجه نحو الوحدة فلابد لأفريقيا أيضاً أن تترك الشتات والتمزق والتشرذم، وتعود إلى الوحدة حتى تكون مثل غيرها من قارات العالم التي تتجه الآن نحو الوحدة ونبذ الشتات، كل ذلك تقع مسؤوليته على عاتق النقابات باعتبارها أكثر منظمات المجتمع المدني تماسكاً، لاسيما بعد تحول اتجاهاتها بسرعة كبيرة، فهي لم تعد تحصر همومها في قضايا العاملين والعمل ولكنها تنظر نحو مجمل الأشياء، وقد نلحظ ذلك من خلال ما تناقلته القنوات الفضائية ووكالات الأنباء حول تحركات الأمم والشعوب، فما من حراك أو فعل تقوده الأمم إلا ونجد أن الدينمو المحرك في ذلك هي منظمات المجتمع المدني، وقطعاً السودان هو داخل هذا التفاعل، بل ويأتي في الصدارة في امتلاك زمام المبادرات، ولا نقول إننا قد وصلنا إلى ما نصبو إليه ولكننا نسعى إلى أن نكون في قمة المواقع سواء كان على المستوى الأفريقي أو العربي أو العالمي.