{ إذا لم تحسم القوات المسلحة السودانية فوضى وتفلتات مليشيات (الجيش الشعبي) في جنوب كردفان، عاجلاً، وبذات السيناريو الذي تم تمثيله واقعاً في «أبيي»، فسيواجه السودان أزمة (تمرد عسكري) جديد في جبال النوبة، يشابه ما حدث في دارفور. { أدنى تراخ، أو تسويف في ملاحقة، ومحاصرة، وتفكيك تلك المجموعات (الحربية) وتجريدها من السلاح، يعني العودة إلى مربع الحرب، ما قبل توقيع اتفاقية السلام الشامل. { ليس هناك من مبرر - إطلاقاً - لاستمرار وجود (جيوش) في شمال السودان، (قبل) التاسع من يوليو، وليس (بعده)، فقد ذهب نواب «الحركة الشعبية» إلى جنوبهم ليتفرغوا لممارسة العمل السياسي (الديمقراطي) الكبير في دولة الميعاد.. دولة الحرية، الديمقراطية، العدالة والرفاهية وعاصمتها «جوبا»..!! { (الحركة الشعبية) غادرت إلى الجنوب، فما الذي يُبقي جيشها في الشمال؟ { لا منطق، ولا قانون، ولا دستور، ولا اتفاقية تقر بوجود قوات مدججة بالسلاح باسم الجيش الشعبي (لتحرير السودان)!! { وحتى لو اعتبرنا أن ضباط وجنود هذا الجيش الشعبي في (جنوب) كردفان و(جنوب) النيل الأزرق، هم من أبناء (الشمال)، فإن اتفاقية السلام حددت مواقيت معلومة (مضت) لإعادة انتشار القوات (الجنوبية) جنوب حدود 1956، وتسريح المقاتلين من (الشمال) ودمجهم في المجتمع المدني. { ليس حُجةً علينا ما يردده السيد «مالك عقار» والي النيل الأزرق نائب «سلفاكير ميارديت»، بأن هذه القوات (شمالية)!! لأنه ليس كافياً أن تكون (شمالياً) لتحمل السلاح، وتشكل جيشاً، وتوزع (رُتباً) و(أنواطاً) على أفراده، وتتمسك ببقاء (الجيش).. فقط لأن منسوبيه شماليون!! إذن لماذا لا ينشئ مُلاك أراضي مشروع الجزيرة من المظلومين المقهورين الذين قدّرت لهم لجنة حكومية قيمة الفدان (ملك حُر) ب (ألف ومئة جنيه)، لماذا لا ينشئون جيشاً، ويستجلبون «دبابات»، و«راجمات» ومدافع، ويخلعون رتبة (فريق أول) على رئيس لجنة مبادرة المُلاك؟! { إن المزيد من التهاون والبحث عن محاولات للتهدئة بواسطة سياسيين في (المركز) أو في (الولاية)، سيكون تكراراً للأخطاء التي حدثت في دارفور، وفي جعبة الأسرار ما تسرّب عن إشارات (أمريكية) و(أوربية) خضراء للحكومة، قُبيل توقيعها على اتفاقية السلام في يناير عام 2005م، بتوجيه ضربات عسكرية (سريعة) و(قاضية) على تمرد دارفور الذي كان في بداياته خلال مفاوضات «نيفاشا». { الإشارات الأمريكية (السرية) كانت تشترط إنجاز المهمة العسكرية في وقت وجيز، دون التسبب في أزمات إنسانية متمثلة في تجمعات للنازحين واللاجئين. { أمريكا وأوربا كانتا تركزان على إكمال مهرجان اتفاق السلام لإنهاء أطول حرب في تاريخ القارة السمراء، ولم تكن (دارفور) تمثل لهما ملفاً ذا أهمية، رغم بروز اهتمامات في هذا الشأن من منظمات مجتمع مدني ولوبيات صهيونية في الولاياتالمتحدة. { غير أن الحكومة السودانية عجزت عن إنجاز المهمة (عسكرياً) في وقت وجيز، كما أنها مازالت - وللعام الثامن على التوالي - عاجزة عن تحقيق التسوية (السياسية) بعد أن تشعّبت القضية، وتكاثرت الأطراف، وتناسلت (الحركات)!! { (بعض) أبناء (دارفور) داخل السلطة لعبوا أدواراً (متناقضة) أدت إلى تعقيد الأزمة وتطاول أمد الحرب، وهذا ما نخشى أن يكرره (بعض) أبناء جنوب كردفان داخل (المؤتمر الوطني)، فتقع الفأس - مرة أخرى - في الرأس!! { القوات المسلحة السودانية هي المسؤولة تماماً بموجب الدستور والقانون عن تأمين حدود دولة الشمال، وجنوب كردفان ولاية حدودية، لا بدّ من تنظيف كل جيوبها الحدودية، بأقصى درجات الحسم والحزم، حتى لا يبقى على أرض السودان مشروع لمتمرد (واحد)، ولو ليوم واحد. { هل تريدون أن تجروا مفاوضات جديدة مع «عبد العزيز الحلو» أو «مالك عقار»؟! واتفاقية جديدة؟! وفترة انتقالية جديدة؟! { الشعب كره الاتفاقيات.. وملَّ مسلسل المفاوضات، على القوات المسلحة أن تتصدى لمسؤولياتها دون إذن من أحد.