{ ارتفعت معدلات الطلاق في مجتمعنا كثيراً في السنوات الأخيرة، والملاحظ أن معظمها لم يتجاوز عامه الأول من عمر الزواج.. ومن الطبيعي أن يكون حلم السعادة الزوجية هو أمل جميع المقدمين على هذه المرحلة الفاصلة في أعمارنا.. إذ لا يمكن أن يكون أحدنا قد اختار طوعاً القيام بهذه الخطوة وهو يخطط سلفاً لهدم بيت الزوجية قبل مرور سنة على تشييده إلا إذا كانت له أغراض انتقامية أو كان شخصاً مريضاً وغير متوازن نفسياً وضد الطبيعة البشرية. { وأعتقد أن السبب وراء هذا الفشل المبكر يعود لقلة إدراك أحد الطرفين لخطورة وحساسية الموقف، فالزواج الناجح يتطلب مجهوداً خارقاً من الشريكين، ومن الزوجة على وجه الخصوص، فهي التي يقع على عاتقها أمر ترتيب الأوضاع ووضع الأسس المتينة التي يقوم عليها هذا البيت ومنذ الشهور الأولى، وعليها منذ البداية أن تدخل هذا البيت بنية خالصة ومحبة كبيرة ورغبة أكيدة في تكوين أسرة تدوم طويلاً. ومن أولويات هذه الاستمرارية، احترام عادات وتقاليد الزوج وتقبل شكل حياته، فمن المستحيل أن يتغير زوجك جذرياً بين يوم وليلة، حتى إن كانت به عيوب كثيرة، فعودي نفسك على تقبله كما هو، على أمل أن تتمكني من مساعدته يوماً على تحسين نفسه. ولا تتذمري وتطالبيه بالتغيير الفوري فهذا مزعج لكليكما وقد يتحول شيئاً فشيئاً إلى قنبلة موقوتة تنسف كل شيء. { وأعلمي أن الزواج يعني نقلة نوعية في حياتك تتطلب أن تضعي زوجك نصب عينيك في كل شيء وترجعي إليه دائماً، فله عليك القوامة والطاعة والاحترام مثلما عليه الحماية والرعاية ومخافة الله فيك. فلا تعتقدي أنك تستطيعين التمتع بحياتك كما كانت من دون سلطان أو رادع، فلم يعد بإمكانك الخروج دون استئذان أو الإتيان بأي تصرف دون علم زوجك وإن كان متعلقاً بأهلك، واعتادي على أن تجعلي لبيتك كياناً منفصلاً تماماً عن أهلك أولئك، فلبيتك خصوصية وقداسة وأولوية قبل كل شيء حتى هم، فلا تقحميهم في مقارنة مع بيتك وزوجك ويجب أن تكون في الأساس لصالح الأخير. { وإذا حدث - لا قدر الله - خلاف بينكما اجتهدي في ألا تجعليه يتجاوز إدراككما بأي حال، ولا تسارعي للاستعانة بطرف ثالث مهما كان قريباً وعزيزاً عليك، كما لا تنبشي في الماضي وتخرجي الأشياء والتفاصيل المتراكمة بأعماقك، فالمعروف أن خلافات العام الأول من الزواج تكون عديدة وسريعة الاشتعال مثلما هي سريعة الزوال تماماً. { وهذا بسبب العديد من الفوارق لقبل وما بعد الزواج، فالانتقال المفاجئ من حياة الحرية إلى حياة المسؤولية يترتب عليه شيء من انعدام الوزن والتوتر، فدعيه يأخذ وقته دون أن يؤثر على زواجك كلياً. وتذكري أنك تسعين لتحقيق حياة زوجية عامرة بالسعادة والهناء وتدوم طوال العمر، فاحترمي تفاصيل زوجك وحافظي على خصوصيته ولا تغيري ثوابت حياته ورغباته في الأكل والشرب واللبس وبرنامجه اليومي وأصدقاءه وعلاقاته بأهله تحديداً. ولا تعمدي لمعاملته بالمثل إذا حدث وارتفع صوته أو استسلم لطبيعته العصبية التي لم تكوني تعرفين عنها، روضي نفسك على تقبله كما هو، بخيره وشره، فليس هناك إنسان كامل. { من ناحية أخرى، عليك أن تعودي زوجك على مشاركته في السراء والضراء وإبداء الرأي والاهتمام بعمله وهواياته، بادري كذلك للاعتذار عند الخطأ دون تحفظ، واقبلي اعتذاره إن أخطأ بصدر رحب ومسامحة، ولا تحسبي أن هناك حياة زوجية مثالية تماماً أو أزواجاً ملائكة، فقد يكون زوجك أفضل من آخرين يبدو لك ظاهرهم براقاً، ولا تعتادي على أن تحمليه مسؤولية حياتكما المشتركة كاملة على اعتبار أن أمك قد نصحتك بأن تكسري ظهره بالطلبات وتتدللي قدر المستطاع ليعتاد على ذلك في إطار «ضبح الكديسة»، فهو لن يطيق معك صبراً إذا عمدت لهذا الأسلوب، وبالأخير «حواء والدة»، فلا تدخلي نفسك في هذا المأزق وتحملي نصيبك من مسؤولية الزواج كما يجب، مهما لزم ذلك من تضحيات ومجهودات قد يتجاوز بعضها كل ما عايشتيه في بيت أهلك أو راودك في أحلامك الوردية عن الزواج. { تلويح: (سنة أولى زواج).. تجاوز مرحلة الخطر بالصبر والحذر.