لم يعد الشعب وحده ناقماً على الفضائية السودانية ونواب البرلمان أيضاً يعلنون سخطهم على الطريقة التي يتعامل بها التلفزيون مع جلساتهم، التي هي بالضرورة جلسات تخص مشاكل وهموم المواطن السوداني. وأعتقد أن المسألة ليست في الثلاث ساعات كما تكرم السيد وزير الإعلام، التي تعتبر مدة بث طويلة، لكن المشكلة الحقيقية هي كيف (يتفنن) التلفزيون القومي - تحديداً - في نقل المهم من مداولات في جلسات البرلمان على الأقل ليشعر المواطن أن ممثليه شغالين، وأن يشعر النواب أنفسهم أن وجود عين الكاميرا فيه نقل لنشاطهم، والمواطن يستطيع أن يميز منو الشغال ومنو المقضيها نوم، لذلك مسألة الوقت دي غير مقنعة في ظل إهدار الوقت في برامج، جلسة البرلمان قد تكون جاذبة ومحرضة على المشاهدة أكثر منها. بالمناسبة وطالما أن الحديث عن الفضائية السودانية دعوني أسال القائمين على أمرها حتى متى ستظل المشكلة الهندسية في البث من غير حل وبالإمكان أن تتحول الفضائية إلى باقة أخرى غير معرضة للتشويش، لأنه ما معقول أن تظل الفضائية الرسمية التي تعتبر في مصاف الأمن القومي عرضة للتشويش لأكثر من ثلاثة شهور دون أن تحرك ساكناً والعذر أننا في محيط قنوات القذافي المشوشة، يعني القذافي ده كان قعد سنة حنفضل مشوشين لسنة قادمة وخاتين الخمسة في الاثنين. حاجة تانية ومهمة إذ أن التلفزيون لا يحترم العلاقة التي تربطه بالمشاهد خاصة في مسألة إعادة البرامج، إذ أنه ليس هناك حتى الآن خارطة للإعادات حتى يكون المشاهد على بينة من بثها في الوقت الفلاني، ولنفترض أن طارئاً قد طرأ بنقل خارجي لحدث أو خطاب رئاسي أو ما شابه فلماذا لا يقوم التلفزيون بالاعتذار مع تحديد موعد للإعادة حتى يحس المشاهد أنه مقيَّم وأن الاحترام هو الصفة السائدة بينه والجهاز الذي هو شريك فيه بفعل المشاهدة والمتابعة!! في كل الأحوال أعتقد أن الفضائية السودانية بشكلها الحالي لا تسر عدوا ولا حبيبا، ونحن في عصر الإعلام فيه سلاح خطير ومؤثر ولا ينفع أن يدار بعقلية إقصائية أو متحجرة أو متأخرة لأن الخبر لم يعد هناك مجال لانتظاره ثوانٍ في ظل الوسائط السريعة، فإما أن تلحق وتحقق الانفراد أو أن تتلكأ وتتباطأ فيظهر ما تقدمه بائتاً فاقداً للطعم والنكهة!! كلمة عزيزة أصابتني الرعشة من صوف راسي لي كرعي كما يقول وردي في أغنيته الشهيرة وأحد الإخوة المصريين من أبناء أسوان يرن هاتفه حاملاً صوت حنان النيل في المدحة الشهيرة «يا ذاهبين إلى منى بغيابي»!! ورغم أن سمعي 100% إلا أنني ولمزيد من التأكد سألته: «دي منو»؟ فقال لي ويبدو إنه استوعب دهشتي: «دي حنان النيل»، وأردف: «على فكرة أنا معجب جداً جداً بكل أغاني محمد وردي». وعندها تمنيت لو أن كل مسؤولي أجهزتنا الإعلامية كانوا يستمعون فلربما شعروا بالمرارة التي أصابت حلقي ونحن نعجز أن نوطن لثقافتنا وفننا الذي وصل إليهم بقدرة قادر وبإمكاننا بشوية تخطيط وتركيز أن نمتلك أسماع أكثر جيراننا قرباً منا وجدانياً وعاطفياً، والحكاية ما صعبة الحكاية عايزة فهم!! كلمة أعز نعم النيل الأزرق تسير أمورها بما يأتيها من إعلانات لكن ليس لدرجة أن تقدم سهرة كاملة لتخريج جامعة، ليظل المشاهد مجبوراً على سماع أسماء دفعة كاملة من الخريجين والخريجات.. مش معاي إنكم زودتوا المحلبية شوية!!